الحصيلة السنوية للأمن الوطني: إحصائيات مكافحة الجريمة بكل أنواعها والتهديدات الإرهابية
بقلم: د. الشرقاوي الروداني: موقع “مغاربية”
تسعى القاعدة في محاولات يائسة لترميم صفوفها من خلال استقطاب الشباب العربي وتوسيع شبكتها وتنفيذ هجمات في مناطق لطالما كانت محصنة ضد نمو الخلايا الإرهابية.
ولسنوات، كانت إفريقيا جنوب الصحراء ومنطقة الساحل موطنا لجماعات إرهابية ذات صلة بشبكة القاعدة. أما الجديد اليوم فهو أن الهجمات ينفذها شباب لم تطأ أقدامهم أبدا التراب الأفغاني ولم تر أعينهم أبدا معسكرا تدريبيا إرهابيا.
وغيرت القاعدة اهتمامها صوب هذه الفئة الجديدة. وفي تسجيل صوتي صدر يوم 11 سبتمبر، حث أيمن الظواهري خلف أسامة بن لادن أتباعه لاستهداف المغرب. وفي أواسط أكتوبر، دعا زعيم القاعدة الجزائريين للإطاحة بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة وحثّ الثوار الليبيين على اعتماد الشريعة الإسلامية.
ويبدو أن الرسالة بلغت هدفها. وفي خضم الانتفاضة الشعبية ضد نظام معمر القذافي، اعتُقل شابان تونسيان في بلدهم لحيازتهما أحزمة ناسفة معبأة بالمتفجرات الليبية. وتواجه الجزائر والمغرب نفس التهديد. حيث اعتقلت الخدمات السرية هناك عددا من الشبان لربطهم الاتصال بشبكات إرهابية.
فهذه “الذئاب المنفردة” أو الناشطين المنفردين، أمثال منفذ تفجير مراكش والبالغ 25 سنة، ليست بحاجة إلى خلية كبيرة بل يتحركون كمتعاقدين فرعيين للقاعدة للقيام بالهجمات.
وهناك شيء واحد محقق، الانترنت أصبح أداة حيوية للقاعدة. ويُستقطب الأعضاء الجدد عن بعد من قبل نشطاء القاعدة في الساحل واليمن والعراق وأفغانستان. بعدها يتشبعون بالفكر الجهادي ويتعلمون كيفية صنع المتفجرات يدويا عبر الانترنت وليس في المعسكرات الإرهابية.
ومع كل ما يحدث في العالم العربي، من المهم التصدي لانتشار الإرهاب عبر الانترنت. فمن الواضح أن القاعدة حريصة على استغلال الاضطرابات التي تعم المنطقة لتجنيد شباب جدد.
لكن يتعين فهم التحول الذي تشهده المجتمعات المغاربية بشكل أفضل حتى يتسنى سد الباب بفعالية أمام دعاة العنف.
وفي عدد من البلدان في شمال إفريقيا، انتفض العاطلون عن العمل والمعاقون للمطالبة ليس فقط بحقوقهم بل أيضا بكرامتهم. في هذا السياق، كان إضرام محمد البوعزيزي النار في نفسه يصب في هذا الاتجاه وأعطى صوتا لكل من كان مقصيا لمدة طويلة من الساحة العامة في تونس.
هذا المثال يظهر أنه قد تكون هناك آثار كارثية في حالة عدم إشراك الشباب في الحياة الاجتماعية والسياسية ببلدانهم من قبل الفاعلين في الحياة العامة. وفي الواقع، الاعتراف الاجتماعي عنصر هام بالنسبة لشريحة كبيرة من الشباب ينتهي بهم المطاف من خلال جهود “إثبات الذات” بزيارة مواقع خبيثة يديرها مجندو الجماعات الإرهابية.
لهذا من المهم تفعيل الآليات التي تساعد الشباب على الاندماج في المجتمع. وأولها التعليم والتكوين في سياق نظام تعليمي معاصر ومبادر يستجيب لمتطلبات العولمة. كما أن التنسيق بين التكوين وسوق الشغل أمر هام.
كما أن الأحزاب السياسية تضطلع هي الأخرى بدور في هذا الاندماج. وما عزوف الشباب إلا نتيجة مباشرة للمقاربة السلبية التي ينتهجها بعض الفاعلين السياسيين والتي تعتبر حاجزا أمام فرص ديمقراطية أخرى، ما قد ينتج عنه شباب يائس فاقد للسيطرة تماما.
وفي واقع الأمر “الذئاب المنفردة” ما هي إلا نفوس ضائعة. وفي عالم يشهد تحولا سياسيا كبيرا، أصبحوا فريسة سهلة للجماعات الإرهابية.
وأمام التهديد المشترك الذي تواجهه المنطقة بأسرها، من المهم العمل نحو تحقيق مغربي كبير موحد اجتماعيا وسليم اقتصاديا.
وبدأت أصلا خطوة نحو تحقيق هذا الانسجام الحاسم. فخلال هذا الأسبوع التقى مسؤولون حكوميون سامون من الجزائر وموريتانيا ومالي والنيجر نظراءهم الأمريكيين في واشنطن لمواصلة المحادثات حول التعاون لمكافحة الإرهاب والتي كانت قد انطلقت خلال قمة أمن الساحل بالجزائر العاصمة.
اعتماد سياسة إقليمية مشتركة بات ضروريا لبلدان المغرب الكبير التي تأمل تجنب متلازمة الإرهاب السيبراني.
لهذا أصبح إيجاد حل للصراع بين المغرب والجزائر أمرًا ملحًا. وفي الأحد الماضي، جدد العاهل المغربي الملك محمد دعوته إلى الجزائر للتعاون في بناء مغرب كبير جديد من شأنه أن يكون “محركا حقيقيا للوحدة العربية” ويساعد على ضمان الاستقرار والأمن في منطقة الساحل.
وقال الملك “المغرب يجدد استعداده للقيام بكل ما هو ممكن… خاصة مع الشقيقة الجزائر لتحقيق نظام مغاربي جديد”.
فهذه الشراكة ضرورية لحماية الشباب المغاربي ووضع حد لتسلل القاعدة للنسيج الاجتماعي للمنطقة ككل.