سنة 2024: التزام قوي ودور فاعل للمغرب داخل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي
أكورا بريس: ترجمة: نبيل حيدر
قبل سنة من الآن هبّت أولى نسائم الربيع العربي، لتأتي بعد ذلك على أنظمة ديكتاتورية بكل من تونس ومصر وليبيا، كما ساهم هذا الربيع في إدخال العديد من الإصلاحات الدستورية ببعض الدول العربية.
واليوم، يبدو أن الاندفاع والأمل اللذان رافقا الربيع العربي بدءا يفتران، فسوريا تغرق في الدماء بعد أن قرّر الرئيس بشار الأسد التمسك بالسلطة رغم ضغوطات الجامعة العربية في ظل ارتفاع عدد القتلى من شعبه، فيما لا تزال ليبيا لم تتخلص بصفة نهائية من مؤيدي الرئيس المقتول القذافي، بينما تحول الاحتفال بمرور سنة على الثورة المصرية إلى اصطدامات بين الإخوان المسلمين والعلمانيين عوض العمل على دعم القانون المدني وإنهاء سيطرة العسكر على الحكومة الانتقالية.
أقول لكل من يريد أن يكتب عن التحول التاريخي عبر الشرق الأوسط: لا تسرعوا في ذلك، فالتغيير السياسي يأتي بسهولة أو بسرعة، وغالبا ما يكون مرفوقا بالعنف، والدليل على ذلك هو التاريخ الأمريكي، حيث لم يتم حل بعض النقاط المتعلقة بالحرية الدينية والحقوق المدنية إلا في الستينيات، أي بعد 180 سنة على وضع الدستور الأمريكي. كان الأمر بطيئا لكنه أظهر أنه بالإمكان التعايش بين حكومة ديمقراطية ومجتمع متعدد الديانات، بل أثبت أنه بإمكانهما الازدهار معا.
سيقول بعض النقاد أن ظاهرة الفصل بين الدين والدولة ظاهرة غربية، لكن يكفي العودة إلى التجربة الأندونيسية، التي نرى من خلالها كيف يمكن لدولة غنية بالأعراق-عبر سلطة القانون وقضاء مستقل وانتخابات حرة- أن تروّض ببطء ونجاح التوترات بين الدين والدولة.
في العالم العربي، قام كل من المغرب وتونس بأخذ البادرة وقاما بالخطوات الأولى للمصالحة بين التقاليد الدينية والدستورية والديمقراطية، حيث نجد حزب النهضة بتونس يقود الحكومة متعددة الأحزاب، بينما يقوم الملك محمد السادس بتأمين الانتقال إلى نظام أكثر ديمقراطية بزعامة حزب إسلامي معتدل في شخص حزب العدالة والتنمية.
وبعد مرور سنة على الثورة المصرية، لا زلنا نتلقى بكل أسف الأخبار الواردة من هناك عن الاشتباكات وسقوط القتلى والجرحى, إلا أنه، وكما أثبتت التجربة الأمريكية ذلك، فإن العمل الحقيقي يبدأ بعد وقف إطلاق النار والاشتباكات، كما أن الحصول على حكومة مستقرة وناضجة يتطلب عقودا من الزمن، وهو ما يجب على العالم أن يتذكره دائما وهو يتابع الدول التي هبت فيها رياح الربيع العربي. الخلاصة هي أن الربيع العربي سيبقى هشّا ومعرضا للخطر دون التزام بالدستورية والفصل بين الدين والدولة.
مقال لـ”مارك راش”، عميد جامعة الشارقة للأدب والعلوم بالإمارات العربية المتحدة.
.