العام الثقافي قطر-المغرب 2024: عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية
فريدة عراس، شقيقة علي عراس عاشت إلى جانبه في كنف أمهما التي استقرت بعد طلاقها في بلجيكا، ويقول علي عراس أنه اضطر للعمل وهو صغير السن من أجل المساهمة في تكاليف البيت، ففريدة اليوم ترد الدين لأخيها الذي اشتغل من أجل إعالتها و تخفيف أعباء المصاريف على أمه التي طلقها أبوه لأسباب معروفة، لكن ليس من الضروري بسطها اليوم لأنها جزء من الحياة الخاصة للأسرة و لا علاقة لها بموضوع اليوم، وإن كان أنها جزئية صغيرة تفسر كمحدد أساسي سلوك علي الذي تطوع صغيرا في صفوف أخطر تنظيم إرهابي دموي عرفه المغرب بعد خروجه من رحم الشبيبة الإسلامية.
فماذا اشتغل عراس؟ اشتغل لفترة قصيرة مجموعة من المهن التي لا تتطلب تأهيلا إلى أن تلقفته حركة المجاهدين في المغرب و نال ثقة أميرها فتكلف بإدارة ممتلكات الحركة في بلجيكا و أصبح المسير الأول لمكتبة التنظيم و المسؤول الأول عن التمويل والتسليح.
ففريدة عاشت من أرباح استثمارات حركة المجاهدين في المغرب، عاشت من عائدات الأسلحة النارية التي كان يسمسر فيها أخوها، عاشت من عائدات الكتب الجهادية في بروكسيل.
علي عراس كان معروفا في الأوساط الجهادية في بروكسيل كرفيق الظل لعبد القادر بليرج صاحب العلاقات المتعددة والمتشعبة مع الأوساط المافيوزية والجهادية في بلجيكا وفرنسا، الرجل الذي استطاع أن يحظى بإستقبال الزعيم الأبدي لقاعدة الجهاد أسامة بن لادن.
عندما سقط علي عراس سقطته الأولى لم يكن الأمر نتيجة تحريات، بل كان نتيجة إبراء ذمة قام به الأمير الوطني للتنظيم الذي قرر في مرحلة نضج و نقد ذاتي استثنائي أن يعلن تحلله من التنظيم، و أن يخبر قاضي التحقيق بمخابئ جميع قطع السلاح التي أدخلها علي عراس للمغرب.
السقطة الثانية لعراس كانت مدوية بعد سقوط شريكه في كل عمليات تهريب الأسلحة عبد القادر بليرج، الذي عرى كل شيء أملا في الاستفادة من سقوط الدعوى العمومية بفعل التقادم، فأعطى تفاصيل الأشياء التي عرت أكثر من 20 سنة من النشاط الجهادي بتحالفاتها الإستراتيجية والمرحلية، والأسلحة التي وردت للإرهابيين في المنطقة المغاربية برمتها وعائداتها المالية التي تم استثمارها في المغرب و بلجيكا و عمليات السطو المسلحة على الأموال في بلجيكا، وعمليات الإغتيال التي قيل أنه قد طالها التقادم حسب القانون البلجيكي.
رغم كل هذا فعلي عراس يقول إنه برئ و براءته تعتمد في عرف منظمة العفو الدولية على شيء واحد أن اعترافات علي عراس التي بموجبها تمت محاكمته انتزعت بالإكراه، و هو ما يبرر حسب تصورها إطلاق سراحه.
أمنيستي تعتمد على تقرير كتب على هامش زيارة المبعوث الأممي حول التعذيب إلى المغرب الذي التقى أحد أعضاء الوفد المرافق له علي عراس، وككل تقارير المنظمات فهي ليست إلا مزاعم طلبت من السلطات المغربية أن تفتح فيها تحقيقا و أن تخضع في إطار البحث المعني بالأمر إلى الخبرة الطبية، وإذا تبثت إدعاءات المعني بالأمر يوصي التقرير بتطبيق القانون الوطني المغربي على المخالفين و صيغة بهذا الشكل هي صيغة "ستاندار" الحقيقة فيها معلقة على نتائج البحث.
وبدون أن نستبق نتائج البحث التي لا بد أن تجيب على النقط التي تعزز هذا الإتجاه أو ذاك، فإن السؤال المعلق هل بالفعل علي عراس حوكم بناءا على اعترافات يتيمة في ملفه، و لماذا لم يكشف تعرضه للتعذيب قبل أن يصدر حكم إدانته الذي بدا له ثقيلا (15 سنة)؟
تقول أخت عراس وعلي عراس و دفاع عراس الرجل الذي لم يعاين عليه ممثل النيابة العامة و قاضي التحقيق أي آثار للعنف أو التعذيب أثناء مثوله أمام القضاء أنه كان خائفا و تصور أن ممثل النيابة العامة وقاضي التحقيق هم ضباط شرطة قضائية و لهذا لم يعرض عليهم حالته، فلماذا إذن لم يطرح الرجل قضية تعرضه للتعذيب بعد أن تيقن أنه يحاكم أمام محكمة في مراحله الأولى، و انتظر حتى ظهر له ثقل الأدلة في ملفه والمساطر المرجعية الواردة في ملفه ليخرج على الناس بقضية تعرضه للتعذيب.
الجواب يوجد عند أخته فريدة حول طبيعة الحملة الدولية المطالبة بإطلاق سراحه، فبعد أن أصبح حكم الإدانة نهائيا و واضحا و استنفذت الأخت ودفاع أخيها كل طرق الطعن، لم يبق أمام العائلة إلا إشهار قضية التعذيب والإستماتة فيها من أجل المطالبة بإطلاق سراحه.
فهل سيطلق المغرب سراح إرهابي لمجرد أنه لجأ إلى خدمات رسام داخل السجن ورسم له "رسومات إرهابي متحركة" قيل أنها أوضاع للتعذيب الذي تعرض له، منها رسومات استنسخت من أبو غريب ورسومات لأوضاع لم يعشها المعتقلون المغاربة حتى في أيام الرصاص لأن ذاكرة علي عراس اختلطت عليها الأزمنة وتصور الرصاص في غير زمنه.
لم يبق أمام فريدة أخت فريدها غير العاطفة من أجل استدرار عطف الرأي العام غير المغربي، و ككل مرة تخرج علينا برواية، فمرة تقول أنها ذاهبة من سبتة إلى الرباط من أجل رؤية أخيها و أنها خرجت في اليوم كذا و الساعة كذا و أنها سوف تركب حافلة من نوع كذا لأنها تخاف على نفسها التي نذرتها لقضية أخيها، و مرات تقول إنها تنتظر من شعب الفايسبوك أن يكتب لها كلاما جميلا موجها لأخيها حتى يرفع معنوياته.
و رغم أنها لم تتلق إلا رسالة يتيمة تعزز بها عضض أخيها فإنها تأمل أن تحمل لأخيها رسائل تحته على الصمود، لكن شعب الفايسبوك يعرف حقيقة أخيها ويتساءل أين كانت فريدة عندما كان أخوها يهرب الأسلحة إلى المغرب من أجل ترويع الآمنين و يشرف على استثمارات تنظيم إرهابي في الخارج و الداخل إلى أن اقتطع لنفسه جزءا من ثروة التنظيم لينشأ به مطعما في سبتة، و هي أموال حرام آتية من الحرام و من سرقة غير المسلمين في أوروبا، فهل كانت آنذاك تستحل لنفسها أموال الناس بالباطل و تنعم برغد العيش من أموال الفيء؟ أما الآن بعد أن نال أخوها جزاءه تريد أن تفهمنا أنه أخ وديع عاش حالة شبه يتم ويستحق العطف والمساندة.
الإرهابي إرهابي قبل أن يسقط وأثناء سقوطه و بعد سقوطه، فتغيير الأمكنة و الأزمنة لا يغير من طبيعته التي جبل عليها شيئا، وأخت الإرهابي تبقى أختا للإرهابي و الحيلة لن تنطلي أبدا على الشعب المغربي الذي بإسمه نال علي عراس جزاءه.