سنة 2024: التزام قوي ودور فاعل للمغرب داخل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي
وفي ما يلي النص الكامل للرسالة الملكية: “الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
السيدة كيتري كالاهان، رئيسة تحالف النجاعة الطاقية، حضرات السيدات والسادة، إنه لمن دواعي سرورنا أن نتوجه إلى المشاركين في هذا الملتقى المرموق لـ”المنتدى العالمي للنجاعة الطاقية”، الذي يخلد هذه السنة ذكراه العاشرة.
ويشكل هذا المنتدى فرصة سانحة لأصحاب القرار، والخبراء، والباحثين من مختلف الآفاق، لمناقشة آخر التطورات في مجال النجاعة الطاقية وتقاسم الخبرات الناجحة لتطوير نماذج طاقية فعالة وقائمة على الاستعمال المنخفض للكربون.
وإننا لحريصون بهذه المناسبة، على تهنئة السيدة كيتري كالاهان، رئيسة تحالف النجاعة الطاقية، ومن خلالها جميع أعضاء مجلس الإدارة، واللجنة المديرية لهذا التحالف، على ما بذلوه من جهود دؤوبة، منذ سنوات، من أجل النهوض بالنجاعة الطاقية وآثارها الإيجابية على مستوى التنمية المستدامة والأمن الطاقي.
كما نشيد بمبادرة منح “جائزة الشخصية المتبصرة في مجال النجاعة الطاقية” التي تكافئ المساهمات الاستثنائية لشخصيات أو منظمات في مجال النجاعة الطاقية.
وإنه ليشرفنا أن نتسلم هذه الجائزة المرموقة برسم السنة الجارية. وما حرصنا على قبولها، إلا دلالة على الاهتمام الكبير الذي نوليه لموضوع النجاعة الطاقية، في إطار رؤيتنا للتنمية السوسيو- اقتصادية، وبالنظر لدورها في مجال تعزيز الحقوق الأساسية للمواطنين، وحماية البيئة، والحفاظ على الصحة العامة، والحد من التبعية الطاقية وعقلنة ميزانية الدولة.
إن هذه الجائزة لتؤكد مجددا مكانة المملكة المغربية ضمن البلدان التي نجحت في تثمين قدراتها في مجال الطاقات المتجددة، عبر تطوير محطات للطاقة الشمسية، وحظائر للطاقة الريحية، ومحطات للطاقة الكهرومائية، وإدراج تدابير النجاعة الطاقية في جميع القطاعات الأساسية للاقتصاد المغربي.
إن التحدي المطروح بشكل ملح على عالمنا اليوم، لا يتعلق بحدوث نقص في الموارد الطاقية، بقدر ما يتمثل في تعبئة الاستثمارات التي لا غنى عنها في هذا المجال. وهو ما يجعل من الضروري تشييد البنيات التحتية الطاقية اللازمة وتطوير تكنولوجيات بديلة.
ولهذا، تعمل المملكة المغربية، بشكل دائم، على التكيف باستمرار مع التحولات القادمة، بغية تأمين تنميتها الاقتصادية والاجتماعية، والاستجابة بشكل مستدام لحاجياتها المتنامية من الطاقة. فتأمين التزود، وتوفير الطاقة، فضلا عن تحقيق النجاعة الطاقية والحفاظ على البيئة تشكل ركائز استراتيجيتها الطاقية.
وإن انخراطنا في مسار تطوير نموذج طاقي ناجع وخال الكربون لصالح رفاه وازدهار مواطنينا، يستند بصفة أولوية إلى الصعود القوي للطاقات المتجددة وتعزيز النجاعة الطاقية.
وفي هذا الإطار، وبمناسبة قمة كوب 21، أعطينا دفعة قوية لتنمية الطاقات المتجددة، لرفع حصتها من 42 في المئة في 2020 إلى 52 في المئة في 2030. كما أنه في إطار رؤيتنا الطاقية 2030، ارتقينا بالنجاعة الطاقية إلى مرتبة أولوية، باعتبارها آلية فعالة تتوخى اقتصاد الموارد الطاقية، وضمان المحافظة عليها، وعقلنة استهلاكها.
لقد أعطى النموذج الطاقي المغربي الجديد وبعد سنوات قليلة فقط من إطلاقه، ثماره، بإرساء قدرات جديدة للطاقات المتجددة، خاصة الشمسية، والريحية والمائية، وإطلاق مجموعة من الأعمال المركزة الرامية لعقلنة الاستهلاك الطاقي.
إننا نضاعف جهودنا لإحداث تغيير عميق في أنماطنا الحالية لإنتاج واستهلاك الطاقة، لجعلها أكثر فعالية ونجاعة وقابلية للحياة.
ولتجسيد إرادتنا لدعم برامج النجاعة الطاقية والطاقة المتجددة على أرض الواقع، قمنا بإصلاحات تشريعية وتنظيمية ضرورية، من أجل مأسسة التدابير الملائمة لتحديث قطاعنا الطاقي.
وتشكل النجاعة الطاقية اليوم، إلى جانب الطاقات المتجددة، ثورة جديدة في القطاع الطاقي، انطلاقا من التطور التكنولوجي الذي يؤمن ترابطا بين هذين المكونين. وذلك ما يقتضي إدماجهما وأخذهما بعين الاعتبار في القرارات المتعلقة بالاستثمار وبالخيار التكنولوجي في مجمل القطاعات الأساسية، وذات الاستهلاك الكبير للطاقة، خاصة الصناعة، والبناء، والنقل، والإنارة العمومية، والفلاحة.
إن التزامنا في هذا المجال يمتد إلى ما وراء التراب المغربي. وقد تجسد بشكل ملموس من خلال الأعمال والمشاريع التي أطلقناها، في إطار شراكات مربحة للجميع، خاصة مع البلدان الإفريقية الشقيقة.
كما أن هذا الالتزام كان ملحوظا بمناسبة قمة كوب 22، المنظمة بنجاح في مراكش، والتي تميزت بعقد قمة العمل الإفريقية بمبادرة منا، بهدف تحقيق الانسجام في عمل القارة لصالح تنمية منخفضة الكربون.
وبهذه المناسبة، نجدد التأكيد على التزامنا الدائم على المستوى الوطني، والإقليمي، والقاري، ببذل كل الجهود لتشجيع مناخ للتنمية المستدامة للنجاعة الطاقية، والطاقات المتجددة، والابتكار التكنولوجي والمهن الخضراء عموما.