الأميرة للا مريم تترأس حفلا بمناسبة الذكرى الـ25 لبرلمان الطفل
تعتبر العلاقات بين المغرب والأردن استراتيجية ومتميزة تستشرف آفاقا واعدة في مختلف المجالات، فعلاقات الأخوة والصداقة التي تجمع المملكتين تقوم على مقومات الرسوخ والثبات والتعاون والمستقبل الواعد، تمتح من أواصر قوية متجذرة في التاريخ ومن رؤى مشتركة، وسياسة متزنة وحكيمة بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس وأخيه جلالة الملك عبد الله الثاني.
فعلى الدوام، اتسمت علاقات البلدين بالانسجام في المواقف، والتطابق في الرؤى، والتنسيق والتشاور الثنائي المتواصل على كافة المستويات، في كل ما من شأنه خدمة العلاقات الثنائية والقضايا العربية والإسلامية، وخدمة قضايا السلام.
وتكتسي هذه العلاقات أهمية خاصة بفضل ما تتميز به المملكتان من مكانة على الصعيدين العربي والإسلامي والعالمي وما تحظيان به من موقع جغرافي واستراتيجي متميز، وتبنيهما لسياسة خارجية متوازنة مبنية على مبدأ الاعتدال ومنهج الحوار والالتزام باحترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهو ما يجعل منهما فاعلين أساسيين ضمن محيطهما الإقليمي والعربي والدولي.
وتعطي العلاقات الأخوية القائمة بين قائدي البلدين، أيضا زخما قويا للعلاقات الثنائية ونموها وتطورها وارتيادها آفاقا أرحب، تكون في مستوى تطلعات الشعبين الشقيقين.
ويشكل التنسيق والتشاور الدائمين بين البلدين في الملفات ذات الطابع الإقليمي والدولي عامة، وما يتعلق بالقضايا المصيرية للأمتين العربية والإسلامية على وجه الخصوص، مثالا يحتذى، بفعل تطابق وجهات نظر المملكتين، على المستوى السياسي في جميع القضايا ذات الاهتمام المشترك، وخاصة ما يتصل بتحقيق السلام العالمي والتصدي لخطر الإرهاب ومحاربة الفكر المتطرف.
وفي هذا الصدد، يشدد قائدا البلدين على أهمية العمل على تعزيز التضامن ووحدة الصف العربي، في ظل التحديات السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة، للتصدي لهذه الآفة الخطيرة التي تهدد أمن دول المنطقة العربية والقارة الإفريقية والعالم.
ويتفق البلدان كذلك على وجوب العمل على تجفيف منابع الإرهاب، وحث العلماء والمفكرين والمثقفين للنهوض بدورهم ومسؤولياتهم للخروج بخطاب ديني وإعلامي وفكري تنويري، يستند إلى التعاليم الصحيحة للإسلام، وجوهره الحقيقي وسماحته، ويرسخ مبادئ الاعتدال والانفتاح والتسامح والحوار، باعتبار أن ذلك من أفضل السبل للتصدي لتشويه صورة الإسلام والدفاع عن مبادئه وقيمه الإنسانية النبيلة.
وفي ما يتعلق بدعم التضامن والعمل العربي المشترك ومساندة القضايا العربية والإسلامية العادلة، لدى البلدان وجهات نظر متاطبقة، وبالخصوص حول أهمية تحرك المجتمع الدولي وتكثيف جهوده لإيجاد تسوية شاملة وعادلة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
وتواصل المملكتان بثبات وبتعاون وطيد الدفاع عن القدس الشريف الذي يشكل لديهما قضية مركزية في ظل المسؤولية التي يضطلع بها قائدا البلدين صاحب الجلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي، وجلالة الملك عبد الله الثاني الوصي على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.
كما يجدد البلدان عزمهما الراسخ على مواصلة الدفاع عن المدينة المقدسة وتنسيق تحركهما المشترك لحث المجتمع الدولي على مضاعفة الجهود للتوصل إلى اتفاق شامل وعادل للقضية الفلسطينية وضمنها القدس الشريف.
ومن جهة أخرى، كانت مواقف المملكة المغربية على الدوام مساندة للقضايا الحيوية للمملكة الأردنية الهاشمية، ولم تتردد يوما في تأكيد تآزرها وتضامنها مع هذا البلد الشقيق، كما تعتز وتشيد بالإصلاحات التي يقوم بها جلالة الملك عبد الله الثاني، بما يسهم في تعزيز الديمقراطية وتحقيق المزيد من التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوطيد أمن واستقرار البلاد في محيط ملتهب بالأزمات والتوتر.
وبدورها تشيد المملكة الأردنية بمسيرة الإصلاحات التي يقودها جلالة الملك محمد السادس. كما جددت في أكثر من مناسبة موقفها الثابت والداعم للوحدة الترابية للمملكة، ومساندتها لمبادرة الحكم الذاتي لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وما فتئ المغرب يشيد بالجهود التي يقوم بها الأردن في استضافة اللاجئين السوريين، وما يتحمله من أعباء وتحديات كبيرة في هذا الشأن، ودعوته المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته وتقديم المساعدات لهذا البلد من أجل مواجهة تلك الأعباء التي تفوق إمكانياته وقدراته.
وتجسيدا لمتانة العلاقات بين البلدين الشقيقين، بادر المغرب بتوجيهات من صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى إقامة المستشفى الميداني الطبي الجراحي في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في محافظة المفرق في 10 غشت 2012، لدعم الجهود المحمودة للمملكة الأردنية الهاشمية في استقبال وإيواء اللاجئين السوريين، وتأكيد تضامن المغرب مع الشعب السوري الشقيق في الظروف الصعبة التي يمر بها.
وفي ظل هذه العلاقات الأخوية المتميزة، تعمل حكومتا البلدين على بلورة سياسات ناجعة تقوي من مسار العلاقات الاقتصادية والتنموية الثنائية كما تجسد ذلك الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين لإعطاء زخم لهذه العلاقات بما يقويها ويجعلها رافدا أساسيا في خدمة اقتصاد البلدين.
ويبدو أن أقوى محفز وأكبر دافع للارتقاء بمستوى هذه العلاقات إلى مستقبل واعد، هو سعي قائدي البلدين إلى تعزيز التعاون المشترك بين المملكتين، وتوجيهاتهما النيرة للدفع بهذه العلاقات وبهذا التعاون إلى مدى أوسع وأعمق بما يعود بالخير والازدهار على الشعبين الشقيقين.
فبالإضافة إلى اتفاقيات التعاون المشترك الموقعة بين البلدين، خلال السنوات الأخيرة، والتي ناهزت 60 اتفاق تعاون وبروتوكول ومذكرات تفاهم في مختلف المجالات، فإن الأشهر الأخيرة شهدت دينامية لتطوير علاقات التعاون وخاصة على المستوى الاقتصادي الذي يتطلع البلدان إلى الارتقاء به إلى مستوى العلاقات السياسية التي تربط بين المملكتين.
وفي هذا الصدد، فإنه من شأن تدشين خط جوي مباشر بين البلدين بداية أبريل المقبل، وعقد اجتماع اللجنة العليا المشتركة المرتقب في آواخر الشهر نفسه في عمان، إعطاء دفعة قوية لعلاقات التعاون وتسهيل الإجراءات لضمان قيام القطاع الخاص في البلدين بدوره المأمول في تعزيز التبادل التجاري.
ولذلك، فإن الرهان الاقتصادي يظل مطروحا لتنويع روافد هذا التعاون بين البلدين، خاصة أنهما يتوفران على موقعين استراتيجيين ينبغي استثمارهما والاستفادة منهما كبوابتين للأسواق الخارجية خاصة في تسهيل ولوج الأردن إلى الأسواق الإفريقية ودخول المغرب إلى أسواق المشرق العربي.