سنة 2024: التزام قوي ودور فاعل للمغرب داخل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي
بقلم / مجدي محفوظ
كانت المرة الأولي التي تخطو فيها قدماي هذا المكان وشعور ولد مشاعر الرغبة في التعرف علي كل شيء أنه المكان ، وزمن شاهد على تلك الاعمدة التي تشق عنان السماء تسطر حكايات وبطولات بعيدة عن صحب المدن وضجيجها ، سور كبير ، مبان شاهقة نوافذها مزخرفة بألوان من الزجاج المعشق بالجص الأبيض يعكس أضواء ملونة وكأنها مضاءة بقناديل زيتية ، جبال شاهقة ، تطل عليها وديان تنهمر فيها مياه الأمطار… وذاكرة تمضي بي حين كنت في مدرستي وكان درسنا عن تلك المملكة لأتذكر قول الحق (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ( وقفت التقط انفاسي ووجدت أحد المارة استوقفته متسائلاً سيدي أريد الذهاب للجنة ؟ ابتسم وقال لي: أن شاء الله! قلت: هي هنا؟ قال: تقصد أرض الجنتين؟ نعم! شغلتني مفردات المكان وتناثرت من حولي الأفكار ، شعور بالحنين لهذه الأماكن والمباني المزخرفة والأبواب العالية وضروب ضيقة مكتظة بالمارة والباعة ورائحة البخور ووسط هذا الضجيج تاريخ مديد وأنت تستمع الي اللحن الصنعاني والحضرمي واذا بأيوب طارش يشدو : باعدوا من طريقنا جنه الحب حقاً شيدتها لنا المني ، هنا أدركت حقاً هي الجنة ، وإذا بي أتقدم للأمام فاذا بالقليس ، المكان الذي كان شيده أبرهة كعبة يحج اليها الناس بدل من مكة فلقي حتفة وجنوده وتذكرت الطير الأبابيل وذاك الفيل الكبير وجيش الله الذي حارب هؤلاء المعتدين واصلت المسير لأصل سد مأرب العظيم وقفت وسمعت هدير المياه ينسجم مع تلك الأغاني أنه المكان حين تشعر بالراحة وحرية السكينة وطيبة الناس الكل يستقبلك ضيفاً في قصرها ومعبدها التاريخي لتعيش عظمة المكان وجلال الرهبة فتتذكر تلك الصخرة المنحوتة في مقدمة الجبل وكأنها سفينة نوح ويأخذك الزمن للماضي وعراقة المكان أنها الأسطورة تناقلها أهل تلك البلاد كغيرها من الأساطير الموجودة على أرض السعيدة والتي صارت حكايات وقصص يتناقلها الجميع وأنت على وعد بمسيرة طويلة حاملاً بقايا أوراقك وأحلامك …. وضجيج المكان ، وحروفك تحاكي المارة تتساءل : تجلس مترقب متسائل عن ذاك العرش وعن صرواح ذاك الحلم الذي ظل يراودك بقلب يحمل الحب وقصائد تنشدها بين الحين والحين وقبل أن تنهي مقطوعتك الأخيرة وعلى مرمي البصر تشاهد تلك الأعمدة التي تناطح الجبال الطيال التي تشرف عليها من بعيد ،هناك جلست أترقب الشمس تودع يومها تغازل خيوطها الساحرة نهر الحب علي أرضها! وهي على وعد بالعودة ، وفي المساء عم السكون المكان فهنا الذات حيث ينتزع حقد البشر والكراهية ذات عميقة يغازل ضوء القمر عرشها هنا السكون حيث دبيب النمل الخائف من جيش سليمان النبي ، وهدهد يطوي الارض برسالته وجني عملاق يعود بكرسي العرش في مشهد مهيب وملكة يلتف حراسها من حولها أنها بلقيس وسبأ وصرواح حيث وقف الزمن كثيراً يحكي للعالم قصة أهلها التي امتزجت حكاياتهم بماضيهم العريق ونقش علي صدورهم وجباههم ورسوم علي صخورها تحكي قصصاً لا تنتهي, وقبائل تاريخها عبر السنين وبطولات خالدة وشواهد عظيمة حيث هيلان يعانق السماء وسطور في كتب المجد فصولاً لا تنسي ،كل هذا شغل ذاكرتي قبل أن أصل لتلك التلة التي بجوارها لأجد بقايا معدات عسكرية تسألت فاذا بها لجند مصر الأبطال لالتقط رسالة محفوظة وسط حافظة من البلاستيك كتب عليها البريد الحربي وبداخلها كلمات من زوجة لزوجها تطمئنه علي حالها وتبشره بطفل قادم ، تملكني الحزن وجلست وإذا برجل طيب التفت الي واصطحبني لبيته جلسنا أخرج من صندوق خشبي صوراً توثق تلك السنون ، تملكتني الحيرة والاسئلة الكثيرة لكن يوماً ما سنكون بين طيات النسيان وتبقي كلماتنا وحكايتنا الصباحية هناك في حضرة بلقيس وجيوشها ونبعد عن تلك الفتن التي حلت بديارنا بددت شملنا نريد أن نسطر حكايات أبناءنا دون أن نبكي نجمع كلمات من فيض مشاعرنا عبر حب أفاض بدموعنا , وبلقيس تنادي بأعلى صوتها أيها النبي سليمان آمنا بك فأنشر علينا رحمات ربك حتي ننعم بقربك مرة ومرات ، لأعود أكتب في ذاكرتي آمالاً وأحلاماً واشدو بقصائدي في كل مكان وصرواح قصة أحاكيها دوماً فاسمع صدي كلماتها في لحج فنقتسم الحب سوياً ننشد لحنا صنعانياً بكلمات حضرمية نغنيه في عدن ، صرواح فنحن في حضن ثراك ننشد الحنين نستنشق من ترابك المسكي أملاً ..نشرب من ينابيعك شهداً نمارس الحرية كصبح تنفس من أعماق الليل ……فتجمعنا أقدرانا على ثراك الحنين .