العام الثقافي قطر-المغرب 2024: عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية
— بقلم: عادل الزعري الجابري —/و م ع/
بروكسيل – تعزز زخم الوعي الذي نشأ منذ مدة بالبرلمان الأوروبي حول استمرار تحويل المساعدات الإنسانية، الموجهة إلى المحتجزين بمخيمات تندوف، من قبل “البوليساريو” والجزائر.
وخلافا للادعاءات التي يروج لها المنتقدون لهذا الزخم، الذي يزداد وقعه أكثر فأكثر داخل البرلمان الأوروبي، وللحجج المضللة التي تدلي بها السفارة الجزائرية ببروكسيل، والتي تسعى إلى الإيحاء بمناورات يدبرها نواب أوروبيون ينتمون لأقصى اليمين، “بتحريض من المغرب”، جاء سؤال جديد طرحه النائب الأوروبي البلجيكي، أوليفييه شاستيل، لتأكيد درجة القلق العالية لدى المنتخبين الأوروبيين إزاء هذا الوضع.
وأكد السيد شاستيل، الذي يشغل منصب نائب رئيس لجنة الميزانية بالبرلمان الأوروبي، أنه على الرغم من ضمانات المفوضية الأوروبية، “يبدو أن مواد غذائية من ضمن المساعدات الإنسانية الأوروبية لا زالت تعرض اليوم في الأسواق الموريتانية”.
وذكر النائب البرلماني الأوروبي في سؤاله الموجه إلى المفوضية الأوروبية، بأن الاتحاد الأوروبي يقدم مساعدات إنسانية سنوية بقيمة عشرة ملايين يورو لساكنة مخيمات تندوف، وذلك على مدى زهاء ثلاثين عاما، وأن تقريرا صادرا عن المكتب الأوروبي لمكافحة الغش، نشر سنة 2015، كان قد أدان الاختلاسات التي تطال هذه المساعدات الإنسانية، حيث أوصى بإجراء إحصاء رسمي للمستفيدين.
إلى جانب ذلك – يضيف السيد شاستيل – كان المدير العام المكلف بالمساعدات الإنسانية والحماية المدنية قد اعترف، في يوليوز 2015، خلال اجتماع للجنة مراقبة الميزانية بالبرلمان الأوروبي، بأن الجزائر تفرض ضريبة نسبتها 5 بالمائة على قيمة المساعدات الإنسانية.
وقام العضو البلجيكي بالبرلمان الأوروبي، وهو أيضا عضو في لجنة مراقبة الميزانية بالبرلمان الأوروبي والوفد المكلف بالعلاقات مع البلدان المغاربية، بمساءلة المفوضية الأوروبية حول ما إذا كانت تتوفر على معلومات حديثة بشأن هذه المساعدات، وحول ما إذا كانت تعتزم تعزيز التدابير المتخذة في حال استئناف الاختلاسات، وبشأن توصلها إلى حل لضريبة 5 بالمائة المفروضة من قبل الجزائر على مبلغ الإعانة.
وعادت قضية تحويل المساعدات الإنسانية من طرف “البوليساريو” والجزائر إلى صدارة الاهتمامات على مستوى البرلمان الأوروبي، بعد كشف وسائل الإعلام والخبراء أن هذا الاختلاس مستمر على نطاق واسع، على الرغم من الضمانات المقدمة من قبل المفوضية الأوروبية.
وتتعزز الشكوك حول هذه الاختلاسات في الوقت الذي زادت فيه الجزائر خلال الآونة الأخيرة من دعواتها المستجدية لكرم المنظمات الإنسانية، في سياق جائحة فيروس كورونا المستجد.
وقد انتاب الكثير من النواب، المنتمين لمختلف المجموعات السياسية، الذين أثاروا هذه المسألة خلال الأشهر الأخيرة، الذهول إزاء الوضع المتناقض الذي يسود، سواء من حيث الحصول على هذه المساعدات بناء على أرقام مغلوطة، وتعداد لم ينجز قط، أو على مستوى تدبيرها.
وقد تم تتبع مسار هذه المتاجرة، على نحو جيد، من قبل المحققين التابعين للمكتب الأوروبي لمكافحة الغش.
ويشرح المكتب بالتفصيل كيف أن الهلال الأحمر الجزائري هو الفاعل الأول في تحويل هذه المساعدات، التي يتم إفراغها أولا بميناء وهران، قبل أن تسقط بين أيدي شبكات التهريب التابعة لـ “البوليساريو”.
كما اهتم أعضاء البرلمان الأوروبي بالوضع المقلق للغاية، المتمثل في استعمال هذه المساعدات لجمع أموال تمكن من اقتناء الأسلحة بغرض تنفيذ أعمال إرهابية وأعمال عصابات، ولأغراض تجنيد الشباب العاطل بمخيمات تندوف.
ويعد عضو البرلمان الأوروبي، إلهان كيوتشيوك، أحد أولئك الذين عبروا عن قلقهم إزاء هذا الوضع، متسائلين كيف تمتلك الجزائر الإمكانيات التي تتيح لها شراء أسلحة لفائدة “البوليساريو” وتصرخ عاليا لاستجداء المساعدات الغذائية لمحتجزي تندوف.
وفي سؤال تم توجيهه، مؤخرا، للممثل السامي للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية، جوزيب بوريل، أكد السيد كيوتشيوك أنه من المعروف جيدا بأن “البوليساريو” مدججة بالسلاح ولديها ميزانية كبيرة لصيانة معداتها العسكرية، وتستغل في نفس الوقت، وعلى نحو دائم، الوضع الإنساني بمخيمات تندوف لاستجداء المساعدات الغذائية.
وبعد العديد من المساءلات وتفعيل آليات التتبع على مستوى البرلمان الأوروبي، بما في ذلك مشروع قرار وضع بتاريخ 9 يوليوز المنصرم، والذي يطلب الاتحاد الأوروبي والجزائر بتقديم تفسيرات، أثارت جمعية الدفاع عن دافعي الضرائب الأوروبيين (تاكس بييرس أسوسياشن أوف يوروب) تحقيقا معمقا سينفذ من طرف مؤسسات الاتحاد الأوروبي ذات الصلة، قصد إماطة اللثام عن خبايا استمرار هذه المتاجرة واسعة النطاق. وتستمر القضية…