يومية بريطانية تسلط الضوء على المؤهلات التي تجعل من المغرب الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا
تريد فرنسا القطع مع ممارسة سادت لسنوات وسط فئات معينة من المجتمع بمساعدة قلة قليلة من الأطباء، المتضرر الأول منها هن الفتيات خاصة منهن المقبلات على الزواج، اللواتي يكن مجبرات على كشف “سجلهن” الجنسي لزوج المستقبل والأهل عبر “شهادة العذرية”.
ولهذا الغرض، تحضر الحكومة الفرنسية قانونا سيتم بموجبه زجر الأطباء الممارسين لهذه العملية بقوة، عبر السجن بعام واحد مع غرامة مالية تصل إلى 15 ألف يورو.
كما تدرس الحكومة توسيع هذه العقوبات لتشمل أيضا كل من أجبر أي فتاة على الحصول على هذه الشهادة، سواء تعلق الأمر “بالأبوين أو الخطيب” أو غيرهما، كما أوضحت ذلك الوزيرة المنتدبة المكلفة بالمواطنة مارلين شيابا، التي أعلنت أنها تريد أيضا منع منح شهادات “الحساسية لمادة الكلور” لعدم حضور دروس السباحة.
ويأتي مشروع القانون الزجري ضد الأطباء الذين يسلمون شهادات العذرية ضمن مشروع القانون المثير للجدل حول ما عرف في بادئ الأمر بـ“النزعات الانفصالية” قبل أن يعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان تعديل التسمية وتعويضها بـ “مشروع القانون الداعم للعلمانية وأسس الجمهورية”.
وحاول وزير الداخلية جيرالد دارمانان ترطيب الأجواء وتوضيح الفكرة أكثر، انسجاما مع ما يتطلع له مشروع الرئاسة الفرنسية، لاسيما وأن بعض الاتهامات اعتبرت أن المشروع جاء أساسا بأهداف انتخابوية. وقال الوزير: “الفكرة كانت محاربة النزعة الانفصالية الرئيسية التي تكمن في الإسلام الراديكالي، ولكنها ليست الهدف الوحيد” من مشروع القانون.
لماذا شهادة العذرية ؟
يكون هدف الفتاة من الحصول على شهادة العذرية إثبات عدم ممارستها للجنس من ذي قبل أمام خطيبها وأسرتها بتأكيد من طبيب. وتسليم هذه الوثيقة في السر، لا يساعد على إعطاء أرقام حقيقية حول الظاهرة، حسب ما أعلنه وزير الداخلية الفرنسي، والتي يدينها المجلس الوطني لهيئة الأطباء الفرنسيين كليا.
لكن القلة القليلة منهم تمارس هذه العملية دون أن يشكل لها ذلك أي إحراج أو يحسسهم أنهم يقومون بممارسة ترفضها هيئتهم المهنية، كما هو شأن الطبيبة غادة حاتم مؤسسة “دار النساء” في منطقة سان دوني بضاحية باريس، المختصة في استضافة النساء في وضعية هشة وضحايا العنف.
هذه الطبيبة اعتبرت في مقابلة مع إذاعة “فرانس أنتار” أن الأمر “لا يتعلق بآلاف النساء، وإنما لا يتعدى عددهن الثلاثة في السنة”. وهذا الوضع، بالنسبة لها، يوضح “سيطرة الرجل الجنسية على المرأة” في البعض من الحالات التي لا تقرر فيها مصيرها، في وقت “تعرف فيه الطبيبة كيف يمكن مساعدتها” .
وحث بيان للأمم المتحدة في أكتوبر/ تشرين الأول 2018 الحكومات على حظر اختبارات العذرية، ودعا في الوقت نفسه إلى حملات توعية لتثقيف المجتمعات و”تحدي الخرافات المتعلقة بالعذرية والأعراف الجنسية الضارة التي تركز على السيطرة على الحياة الجنسية للنساء والفتيات وأجسادهن”.
“هن في الغالب، لسن عذارى طبعا”
حسب الطبيبة غادة حاتم، غالبية الفتيات اللواتي يتقدمن لها لطلب شهادة العذرية من المغاربيات. وتعتبر هذه الطبيبة أن “الحصول على هذه الشهادة يعفي الفتاة من التعرض للمضايقات من قبل أسرتها”، لافتة إلى “أنهن في الغالب، لسن عذارى طبعا. ولهذا يكن في حاجة لهذه الوثيقة”.
وترى هذه الطبيبة أن هذه الوثيقة لها أهمية استثنائية بالنسبة لهؤلاء الفتيات، لأنها “تجنبها تسفيرها من قبل أهلها إلى بلادها الأصلية لنفس الغرض وهو ما يمكن أن يسبب لها عدة مشاكل. البعض منهن يقلن إنهن مهددات بالقتل من قبل آبائهن إن لم يثبتن أنهن عذارى أو قد يعرض أمهاتهن للقتل بسبب ذلك”.
وتوضح غادة حاتم: “لا أفحص النساء لمعرفة إن كن عذارى أم لا. هذا لا يهمني. ما أريده هو مساعدتهن…أعتقد أنه يجب الاستماع لهؤلاء النساء خاصة”. وتطرح مقاربة تربوية للتصدي لهذه الظاهرة بالقول: “الشيء الوحيد الذي يمكنه الدفع بهذا الملف نحو الأمام، هو تربية الأولاد، والأمهات، لنتوقف عن اعتبار الفتاة الواجهة المشرفة للأسرة”.
“أساعد النساء لتضليل جلاديهن”
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن اختبار غشاء البكارة بالعين أو بالأصابع، للتثبت من عذرية الفتاة، لا يمكن أن يؤكد إن كانت المرأة أو الفتاة “قد مارست الجماع المهبلي أم لا”. وتعتبر المنظمة أن هذه الممارسة تعد انتهاكا لحقوق الإنسان.
وتكشف الطبيبة غادة حاتم محدودية المعارف الجنسية لدى هذه الفئة. وتقول بهذا الشأن: “امرأة واحدة من اثنتين يسيل منها الدم في أول معاشرة جنسية. إني أشرح لهن أن أزواجهن لا يمكن لهم معرفة إن كن عذارى أم لا. توجد اليوم كبسولات حمراء اللون بالإمكان حشوها في الفرج، ويسيل الدم بعد الاتصال الجنسي. أنا أساعد النساء لتضليل جلاديهن”.
بوعلام غبشي/فرانس 24