بقلم: انغير بوبكر، باحث في قضايا التنمية والديمقراطية [email protected]
استطاع بشار الأسد أن يدخل التاريخ من بابه الواسع ، ليس لأنه اخترع ما يفيد البشرية ولكن لأنه استطاع أن يحقق ما لم يستطع تحقيقه كل جبابرة التاريخ من مغول وتتار ونازيين وصهاينة ، فكل هؤلاء ارتكبوا مجازر رهيبة في حق الإنسانية ولكن على الأقل هؤلاء لم يقتلوا شعوبهم ، فقد تفوق عليهم المجرم بشار الأسد لأنه استطاع تدمير سوريا شعبا وحضارة وتاريخ وما يزال يضحك على العالم أو على الأقل ما يزال العالم يسخر من جرائمه بعد ما عجز المنتظم الدولي عن وقف حمام الدم في سوريا لأنه في علمي المتواضع سوريا ليست بلدا بتروليا يمكن الاستفادة من خيراته مثل ليبيا والعراق ، وليست بلدا يهدد إسرائيل لان الثورة السورية كشفت زيف مجموعة من منتسبي تيار الممانعة ضد إسرائيل وهي في الحقيقة ممانعة للشعوب ومحرمة لها من الديمقراطية وحقوق الإنسان أكثر مماهي ممانعة للكيان الصهيوني . إذا كان نظام بشار الأسد هو نموذج الأنظمة الممانعة فمرحبا بإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ، فبشار الأسد قتل من الشعب السوري اكثر من 11000 شهيد وشهيدة خلال سنة واحدة فيما لم يقتل الكيان الصهيوني في كل حروبه مع سوريا اكثر من 1000 شهيد ، فهل بعد كل هذه المجازر يجب إن نصدق نظام بشار الأسد ؟ أليس سماحة الأمين العام حسن نصر الله بمثابة شاهد زور في دفاعه عن المجازر الاسدية في لبنان عند لقائه مع مؤسس ويكيليكس مؤخرا ؟؟ أليس من المعيب والمجحف ومن الظلم البين إن يناصر احد أقطاب التحرر ودعاة نصرة المظلومين في كل مكان ، تيمنا بالحسين بن علي وتضحيته من اجل نصرة المظلومين في العراق وكل مكان مجرما فاق شارون وشامي وكأعداء حسن نصر الله المفترضين عبر التاريخ ؟؟، أليس من الظلم أن يعطي نصر الله شهادة زور سيحاسب عنها يوم القيامة مفادها إن العصابات المسلحة هي التي تقتل المدنيين في سوريا ؟ هل الدبابات والآليات الثقيلة التي تقتل المدنيين في احياء المدن السوري من العصابات الإرهابية المسلحة ؟ لماذا انساق حسن نصر الله وراء النظام السوري في اتهامه للقاعدة بنشر القتل في سوريا ؟ ألا يعلم السيد نصر الله إن مشجب القاعدة والزج بها في الأزمة السورية فيه كذب كبير جدا وتطاول على الواقع الدموي ؟ اذاكان حسن نصر الله وهو آخر قلاع المصداقية على الأقل لدى جمهور واسع من الأحرار في العالم، قد تهاوى أمام أكاذيب وأباطيل النظام السوري ، الذي يكذب أعلامه حتى في أحوال الطقس ؟؟و إذا كان حسن نصر الله لا يعلم بالفعل ما يحدث في سوريا فقد يكون ذلك مقبولا شيئا ما ولكن رغم ذلك له مستشارين وإمكانيات وحلفاء في الداخل اللبناني وخارجه يمكن إن يعرف عنهم بعض الحقائق على الارض لذلك فهو ليس معذورا في عدم معرفة الحقيقة وليس معذورا اكثر في الانسياق مع النظام الدموي السوري؟ أما إذا كان يعلم ويقول غير ما يعلم فتلك هي المصيبة الكبرى ، بعد ذلك سنكون مضطرين كرأي عام متابع عن بعد تطورات الداخل اللبناني ، وسنقول بكل أريحية بأننا نثق في حركة 14 آذار ونثق في شكها في نوايا حزب الله ’, ومن حقنا إذا إن نطالب المجتمع الدولي بتفعيل القرار 1559 وسحب سلاح حزب الله لان قناع المصداقية قد نزعت نهائيا عن أمينه العام وكل ما قيل عن توجهه الإيراني وتنفيذه للسياسة الفارسية بالمنطقة ، واغتياله أو على الأقل علمه ومساعدته النظام السوري على اغتيال رفيق الحريري صحيح ، فالنظام الدموي الاسدي الذي فتك بشعبه اقل ما يمكن إن يقوم به هو اغتيال شخصية سياسية مرموقة ومسالمة كرفيق الحريري ، لذلك صدق الأمريكان وإسرائيل في اتهامهم الصريح لسوريا في اغتيال الحريري وكذب حسن نصر الله وحزبه
إذا كان المجتمع الدولي عاجز عن إيقاف دوامة القمع الهمجي الاسدي ، فذلك تعبير خطير عن انحطاط العلاقات الدولية وسيطرة المصالح الضيقة فيها وذلك من شأنه إن يقوض ثقة المجتمعات العالمية بالشرعية الدولية ويجعل العالم عرضة لقانون الاقوى كما كان عليه الامر في القرون الماضية عندما كان الاستعمار يفعل بالشعوب والدول ما يريد ، فمتى يستيقظ الضمير العالمي لوقف المجازر اليومية في سوريا؟ ، وهل الصمت الدولي حيال هذه الجرائم يمكن تبريره ؟
ان المراهنة على مبادرة عنان ذات النقط الست ، هي بمعنى من المعاني اعطاء وقت اضافي لنظام بشار الاسد لمزيد من القمع والتقتيل ، حيث ان المجتمع الدولي وقواه الرئيسية كفرنسا وامريكا واعية كل الوعي بان النظام السوري لا يمكن ان يحكم بعد كل ما ارتكبه من مجازر ، ولا يمكن ان يطبق مبادرة عنان لانها بكل بساطة اعلان وفاة النظام الاسدي ، ولكن الدول الكبرى تبحث عن من موطئ قدم لها في سوريا المستقبل ، وتتخوف اكثر من الحركات الاسلامية التي يمكن ان تحكم البلاد بعد الثورة ، ولكن اظن وان بعض الظن اثم بأن الدول الغربية بتجاهلها لصرخات وآهات الامهات السوريات وتغاضيها عن عذابات الاطفال السوريين الابرياء الذين يذبحون كل يوم أمام مرأى ومسمع العالم ، كل هذه الوضعية ستفرز في المستقبل المنظور قوى متطرفة لا تعترف بالمجتمع الدولي ولا بغيره لانها ستكون حاقدة عليه بفعل تجاهله وتواطئه الضمني مع آلات القمع السوري وعجزه عن التدخل لحماية المدنيين وإقامة مناطق عازلة مؤمنة ، لذلك سيخسر العالم الغربي حليفا استراتيجيا في المنطقة وستظل الفجوة بين الغرب والشرق اكثر اتساعا في المستقبل لان الانسان عدو ما يجهله و عدو من يتجاهله . هذه دعوة إلى المجتمعات الديموقراطية لتنقذ الشعب السوري وتحتضنه لانه استثمار مهم أهم ربما من البترول والغاز ، لأنه لو كانت في سوريا ثروات من هذا النوع لتدخل العالم الصناعي بدون حتى انتظار الرجل المريض روسيا او غيرها ، فهل انتظر العالم مجلس الامن في التسعينات في العراق ، لتحريره من الطاغية صدام حسين ؟ الجواب واضح وشرحه سيكون من المفضحات. تصبحون يا أهل الشام على وطن جديد وحكم جديد .