بكين – يؤشر فتح الخط الجوي المباشر الذي يربط بين الدار البيضاء وبكين عن زخم جديد في العلاقات المغربية الصينية وآفاق واعدة في مسار تعزيز التعاون والتبادلات بين بلدين يشكلان قطبين رائدين في قارتيهما آسيا وإفريقيا.
والمؤكد أن المزايا الايجابية لهذا الخط الجوي المباشر لن تقتصر فقط على خدمة التعاون بين المغرب والصين وإنما ستشمل أيضا بلدان وشعوب القارة الافريقية، لاسيما بلدان غرب إفريقيا التي ستجد في هذا الخط سبيلا للوصول الى العملاق الآسيوي بالنظر للريادة القارية لشركة الخطوط الملكية المغربية عبر شبكة خطوطها المباشرة لمعظم بلدان القارة الافريقية.
وبالمقابل، سيخدم هذا الخط أيضا البلدان الآسيوية المجاورة للصين التي أضحى بإمكان ركابها السفر مباشرة إلى المغرب عبر محطة بكين، لا سيما مع ازدياد التبادلات والزيارات خلال السنوات الأخيرة بين المغرب وعدد من بلدان شرق وجنوب شرق آسيا، خاصة وأن الصين تربطها حدود مع 14 بلدا آسيويا.
هي إذن صفحة جديدة تفتح في سماء العلاقات المغربية الصينية، والتعاون الثلاثي المغربي الصيني الافريقي، في مطلع السنة الجديدة بما تحمله من آفاق واعدة لتعزيز وتكثيف التعاون في مختلف المجالات، وتيسير التبادلات الإنسانية والزيارات بين المسؤولين والفاعلين الاقتصادين ورجال الاعمال المغاربة والصينيين والأفارقة على حد سواء.
وطالما عبر رجال الأعمال والفاعلون في المجال السياحي والمنتخبون بكلا البلدين عن تطلعهم لفتح خط جوي مباشر بين المغرب والصين لتقليص أوقات السفر وتفادي ساعات الانتظار الطويلة في قاعات المطارات الوسيطة لاستكمال رحلاتهم في كلا الوجهتين، ما يمثل عبئا إضافيا وهدرا للزمن خاصة بالنسبة لرجال الاعمال الذي يمثل الوقت عاملا أساسيا في أنشطتهم وتنقلاتهم.
ويتحقق اليوم هذا الحلم المشروع، بعد أن وصلت طائرة تابعة للخطوط الملكية المغربية، ظهر اليوم الجمعة (بالتوقيت المحلي)، إلى مطار داشينغ الدولي بالعاصمة الصينية بكين، مدشنة بذلك أول رحلة جوية مباشرة بين الدار البيضاء وبكين.
وقطعت الطائرة، وهي من طراز “بوينغ 787-9 دريملاينرز”، 13 ساعة من التحليق. وحملت الطائرة في رحلتها الأولى الافتتاحية وفدا مغربيا رفيعا، تقوده وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، السيدة نادية فتاح العلوي.
كما أن الازدياد الملحوظ في إقبال السياح الصينيين على وجهة المغرب الغنية بإمكاناتها السياحية وموروثها الحضاري والثقافي، وما تتوفر عليه من شواطئ على الواجهتين المتوسطية والاطلسية، ومدن تاريخية ذات شهرة عالمية، جعل من فتح هذا الخط المباشر أمرا حتميا لمواكبة دينامية التوافد المكثف للسياح الصينيين، الذي تعزز بفضل القرار الملكي بإلغاء التأشيرة لفائدة المواطنين الصينيين في 2016.
وكان لهذا القرار الملكي غير المسبوق وقع إيجابي على ارتفاع عدد السياح الصينيين الذين يزورون المغرب، وهو العدد الذي تضاعف 14 مرة بين سنتي 2015 و2019، حيث بلغ 141 ألف سائح متم دجنبر 2019.
ويأتي فتح هذا الخط الجوي المباشر لمواكبة تطلع المغرب لجلب حوالي 500 ألف سائح صيني في السنوات المقبلة، لاسيما بعد توقيع المكتب الوطني المغربي للسياحية اتفاق تعاون السنة الماضية مع أكبر وكالة أسفار عبر الإنترنيت في الصين ”سي-تريب”، التي تتمتع بتجربة طويلة في مجال الترويج السياحي، بغية رفع عدد السياح الصينيين القادمين إلى المغرب.
ويربط هذا الخط المباشر مطار محمد الخامس الدولي، أحد أهم المطارات بالقارة الافريقية الذي تخطى حاجز 10 مليون مسافر خلال سنة 2019، بمطار داشينغ الدولي، الذي يعد من بين أكبر مطارات العالم، والذي تم تدشينه قبل ثلاثة أشهر، في رحلة تستغرق 13 ساعة، وهي أقل بكثير من الرحلات غير المباشرة التي كانت تتم عبر مطارات وسيطة بمدن وعواصم في الغالب خليجية، كدبي أو الدوحة، أو أوربية، كباريس وبرلين، مع ما يستلزمه ذلك من فترات الانتظار لمواصلة الرحلة بين الوجهتين.
واختارت الخطوط الملكية المغربية تأمين هذا الخط الجوي الجديد عبر طائرات من الجيل الجديد وهي “بوينغ 787-9 دريملاينرز”، بسعة 302 مقعدا، من بينها 26 مقعدا في درجة الأعمال.
وتمت برمجة ثلاث رحلات في الأسبوع، حيث حددت مواعيد الانطلاق من الدار البيضاء في أيام الاثنين والخميس والسبت، في الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي، لتصل الرحلة إلى بكين في الساعة الحادية عشرة وخمس وخمسين دقيقة ظهرا بالتوقيت المحلي في اليوم الموالي.
أما في ما يخص مواعيد انطلاق الرحلات من بكين، فحددت في أيام الثلاثاء والجمعة والأحد، في الساعة الواحدة وخمس وخمسين دقيقة زوالا (بالتوقيت المحلي)، ليكون الوصول إلى الدار البيضاء في الساعة السابعة مساء وخمس وخمسين دقيقة (بالتوقيت المحلي).
وسيمكن الخط المباشر الجديد الخطوط الملكية المغربية من تعزيز حضورها على مستوى القارة الآسيوية، خاصة أن الشركة تؤمن رحلات جوية مباشرة بين المغرب وأربعة بلدان من هذه القارة، هي المملكة العربية السعودية وقطر ولبنان والأردن.
وتعتبر هذه الدينامية المتسارعة في تكثيف التعاون بين البلدين ثمرة الزخم الذي ضخته الزيارة الرسمية التاريخية التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لجمهورية الصين الشعبية في ماي 2016، ولقاء جلالته بالرئيس الصيني شي جين بينغ، وما تمخض عنها من شراكة استراتيجية شاملة والتوقيع على العديد من اتفاقيات التعاون تغطي كافة المجالات السياسية منها والاقتصادية والثقافية.
كما يتزامن انطلاق هذا الخط المباشر مع عزم البلدين، اللذين خلدا السنة الماضية مرور 61 عاما على إقامة علاقاتهما الدبلوماسية، تنظيم سنة ثقافية وسياحية مغربية في الصين، وتظاهرة مماثلة للصين في المغرب، عبر إقامة سلسلة من الأنشطة والأحداث والتظاهرات ذات طابع ثقافي وسياحي وفني ورياضي بكلا البلدين.