بالصور: تفاصيل احتفاء أسرة الأمن الوطني بأبنائها المتفوقين دراسيا ورياضيا وفنيا
باريس- تتطرق صوفي دو بييري، الباحثة المشاركة في معهد “توماس مور”، صاحبة دراسة عنوانها “الأمة والدين.. التجربة المغربية”، التي نشرتها مجموعة التفكير مؤخرا، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، لأسباب اهتمامها بالإسلام، لاسيما بالتجربة المغربية، ولأهم النتائج التي خلصت إليها الدراسة، وحول الكيفية التي يمكن بها للتجربة المغربية أن تكون ملهمة بالنسبة للبلدان الأوروبية في تعاملها مع الديانة الإسلامية.
– بداية، لماذا هذا الاهتمام بالإسلام ولماذا المغرب ؟
ارتباطا بهذا السؤال، هناك الكثير لقوله. لقد جاء اهتمامي بالإسلام خلال مقامي بالشرق الأوسط لأربع سنوات. لقد اكتشفت هناك حضارة، ثقافة، لغة وديانة، وأصبت كما يقال عادة بـ “فيروس الشرق”. ولدى عودتي إلى فرنسا، رغبت في تدعيم وتغذية هذه المعرفة التجريبية عبر عناصر مهيكلة وأكاديمية، لاسيما وأنني تابعت مسارا دراسيا جامعيا بمعهد علوم ولاهوت الديانات بالمعهد الكاثوليكي لباريس (لاهوت الديانات، دراسة الإسلام، التاريخ المقارن، اللغة العربية…). ومن ثم، كان من الطبيعي جدا أنه، ولدى بدئي في ممارسة نشاط مهني، أن أتجه صوب هذه المواضيع.
وقد كان معهد “توماس مور” آنذاك بصدد البحث عن من يشرف على قسم الدين الإسلامي، وهكذا وقع اللقاء.
وبالنسبة للمغرب، فإن الدراسة التي صدرت للتو تندرج في إطار سلسلة أكبر. لقد كتبت بالفعل تقريرا مطولا حول الإسلام في فرنسا. حيث ركز هذا الأخير على إيجاد حلول لرفع التحدي الذي يفرضه الإسلام في المجتمع الفرنسي. بعد ذلك، واعتبارا لتفرد الهندسة السياسية- الدينية المغربية ولكونها تتيح بلوغ التوازنات والحفاظ عليها، فقد بدا لنا من الأهمية بما كان الانكباب عليها. ومع معهد “توماس مور”، نعكف حاليا على دراسة إمكانية العمل على مكانة الإسلام ورهاناته في بلدان أخرى من العالم.
– في أي إطار وسياق يندرج هذا التحليل ؟ ما هو الجدوى منه في السياق الجيو-سياسي الحالي وما هي غايته ؟
يبدو لي أن المغرب يرغب في التموقع كـ “قاطرة” إقليمية وحتى إفريقية في عدد معين من المجالات، بما في ذلك الجانب الديني.
وفي مواجهة تهديد التطرف الإسلامي الذي يطال العديد من البلدان (المغرب العربي، الساحل…)، يبدو أن المغرب، وبفضل استقراره السياسي والديني، يعد أحد البلدان القلائل القادرة على مقاومته. أو على الأقل، اتخاذ الإجراءات الضرورية لذلك (المالية، الفقهية، السياسية، والدبلوماسية… إلخ). أرى أنه بمثابة حصن أو حاجز: إذا سقط أو ضعف، فإن خطر انتشار الإيديولوجية الراديكالية يبدو حقيقيا بالنسبة لي إلى درجة ترجيح تهاوي المنطقة هي الأخرى. ومن وجهة نظر جيو-سياسية، فمن الواضح أن العواقب ستكون كارثية وأن المخاطر تتجاوز بكثير الإطار الإقليمي أو الإفريقي.
– ما هي النتائج الرئيسية لدراستكي؟
في الشأن الديني، يدرك المغرب تماما الحاجة إلى تقديم خطاب ديني بديل والعمل على نشره. وفي هذا السياق، يبدو لي أن معهد محمد السادس هو رافعة فعالة للغاية للانتشار عبر الحدود: وذلك قصد الإلهام بدلا من التصدير.
ولعل طلبات التعاون العديدة (إفريقيا جنوب الصحراء، آسيا، أوروبا …)، تشهد على الاهتمام الذي يحظى به هذا الخطاب المضاد من أجل محاربة “داعش”.
– كيف يمكن للتجربة المغربية أن تكون مصدر إلهام للدول الأوروبية في تدبيرها للممارسة الدينية الإسلامية؟
كما أشرت إلى ذلك في التقرير، أعتقد أن التجربة المغربية غير قابلة للاستنساخ. فطبيعة المؤسسات نفسها تحول دون تصديرها، وأكثر من ذلك في أوروبا حيث يحد مفهوم العلمانية بشدة من تدخل الدول في الشأن الديني.
مع ذلك، ومما لا شك فيه أنه من المثير للاهتمام أن تعتمد أوروبا بشكل أكبر على هذه التجربة (والخبرة)، في محاربتها للأصولية وجعل المغرب شريكا متميزا في هذه المعركة.
علاوة على ذلك، إذا كان هناك من درس لأوروبا لتستخلصه من ذلك، فربما يكون ضرورة التوفر على مسار واضح، متناغم ومقبول. وبالنسبة لفرنسا، فقد حان الوقت لتحديد هذا الهدف، لرسم معالم مشروع مجتمعي حقيقي واتخاذ الآليات اللازمة: هل نريد مجتمعا تعيش فيه مجموعات متنوعة جنبا إلى جنب من دون التمازج فيما بينها؟ أم أننا نريد إدماج كل فرد على حدة في مشروع فرنسي أكبر وأكثر طموحا من الأفراد في حد ذاتهم؟
– في كل مرة نتطرق فيها للإسلام، يطفو على السطح ربطه بالإرهاب. ألا تعتقدين بأن هذا الأمر يخل، من البداية، بالحوار بين الأديان ؟
يبدو لي أن الربط بين الإسلام والإرهاب أمر حتمي، لاسيما في فرنسا. بطبيعة الحال، ليس كل المسلمين إرهابيين، لكن يبدو أن معظم الأعمال الإرهابية التي ارتكبت خلال السنوات الأخيرة نفذها مسلمون باسم الإسلام.
مع ذلك، لا ينبغي أن يعطل هذا المعطى محاولات الحوار بين الأديان ومختلف المساعي الأخيرة (زيارتي البابا إلى كل من الإمارات العربية المتحدة والمغرب، والتعاون الأكاديمي في بنيات من قبيل معهد محمد السادس أو الموافقة.. إلخ)، والتي تظهر أن الأشياء تتقدم.
أعتقد أن الحوار يستدعي من الجميع التحلي بالوضوح إزاء قناعاته.
بالنسبة لمن ينتابه الشك، فإن الحوار يتعرض لخطر الهدم. وما هو واضح هو أن الحوار يعتبر غنى. ويبدو لي أن الملك والبابا يسيران على هذا الدرب، حتى وإن كان يتعين الأخذ بعين الاعتبار أن الحوار ليس غاية في حد ذاتها، بل وسيلة للعمل سويا من أجل المزيد من الحريات أو ضد تهديد مشترك: لهذا يجب أن يؤدي ذلك إلى تطبيق ملموس.