ذكرى ميلاد الأميرة للاحسناء: مناسبة لإبراز انخراط سموها الموصول في قضايا المحافظة على البيئة
-سهام توفيقي-
روما – في ظل المكوث القسري في البيوت الذي فرضته جائحة كورونا على العديد من الأسر في مختلف دول العالم، وجدت الأسر الإيطالية نفسها أمام نمط عيش غير معتاد، يحتم عليها العودة إلى عادات الجدات في كيفية الطبخ وتحضير الخبز.
فأمام تدبير الحجر الصحي والعزل الاجتماعي الذي لجأت إليه العديد من دول العالم للحيلولة دون تفشي فيروس كورونا ، لم تجد النساء الإيطاليات بدا من دخول المطبخ لإعداد الخبز الذي لا تخلو منه المائدة الإيطالية بعد أن اختفى من رفوف محلات بيع المواد الغذائية.
ففي زمن الجائحة أصبح لزاما على النساء الإيطاليات ، من مختلف الفئات والأعمار، التشمير عن سواعدهن وإعداد مخبوزات وأطباق لأفراد العائلة الذين يلزمون البيت اضطرارا ويقبلون على أطباق الجدات، خاصة وأنهم يعتقدون أن لها قدرة على تعزيز المناعة التي تساعد على مقاومة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
وتأقلمت العديد من النساء الإيطاليات مع ظروف العمل من المنزل ، لكن لم يخطر ببالهن يوما أن يعود بهن التاريخ إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية حيث كانت النساء يقمن بإعداد مخبوزات تخمر لمدة 24 ساعة ثم يتم طهيها مع أطباق من قبيل “الأجنولوتيو الرافيوليو” وهي المعكرونة الطازجة التي تحضر يدويا وتتطلب مهارات خاصة.
وبالرغم من كل مظاهر الحداثة يبقى المطبخ الإيطالي ، الذي يتميز بنكهة خاصة حافظ عليها لأجيال متتالية ، وفيا لأنواع من الخبز و”الباستا” التي لا غنى عنها في مختلف الوجبات اليومية ، غير أن ما يزعج بعض النساء هو أنهن كن ، قبل الحجر الصحي ، يشترين أنواعا من المخبوزات و المعكرونة الطازجة من محلات مختصة ، أما الآن فهذه المحلات مغلقة حتى إشعار آخر.
وحتى اللواتي كن يبررن عدم قدرتهن على تحضير الخبز أو أطباق عريقة ، بكثرة انشغالاتهن المهنية أو الدراسية ، أصبحن اليوم ، بعد أن لزمن البيوت ، أمام واقع لا مفر منه : إما الطهي لأفراد عائلتهن أوالاقتصار على بعض المعلبات بدون الخبز الذي لا بديل عنه.
هذا الواقع جعل الكثير من النساء يكتشفن من جديد عادات الجدات في المطبخ ، وخاصة من خلال البحث عن وصفاتهن في الانترنت ، لعل ذلك يجنبهن مشاكل صحية هن في غنى عنها ، ويرفع عنهن الحرج أمام أفراد أسرهن.
وتقر مارتسيا، وهي أم في العقد الرابع من عمرها، بأنها وجدت صعوبة في التأقلم مع الوضع الجديد الذي غير روتينها اليومي، وأكدت أن عدم معرفتها بكيفية تحضير الخبز دفعها إلى الاتصال بجدتها عبر الفيديو وطلبت منها تحضير وطهي العجين أمامها.
وبنبرة مازحة تقول مارتسيا “بعد يومين أصبحت أتباهى أمام أفرد عائلتي بتفنني في إعداد مخبوزات جدتي مع إدخال بعض التحسينات عليها وإضافة العديد من المكونات وأصناف الفواكه الجافة مثل الجوز واللوز والفستق والبندق، فضلا عن إدخال تنويعات على طريقة تقديمها”.
ووعيا منهن بأهمية تناول أكل صحي ، وكنوع من التضامن مع الأسر التي ليس لدى أفرادها إلمام بالطبخ في هذه الظروف العصيبة، تعرض نساء من أعمار مختلفة خبرتهن في الطبخ سواء من خلال صور فوتوغرافية، أو مقاطع فيديو يجري نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، تشرحن فيها مكونات ومختلف مراحل إعداد الخبز الذي يكاد لا يغيب عن متخلف الوجبات بطعمه اللذيذ،وكذلك طريقة تحضير العجين وتركه في مكان دافئ لمدة يوم كامل ليختمر ثم يتم طهيه، إضافة إلى بعض أطباق الجدات الإيطاليات، خاصة منها تلك التي يعتقد بأنها تقوي مناعة الجسم.
وتختلف أحيانا طرق إعداد خبز ” فوكاتشيا والشباتا والتارالي”، لكن القاسم المشترك فيه هو مكوناته المتمثلة في زيت الزيتون والأعشاب الطازجة، وملح البحر، وقد تضاف إليه ، حسب الذوق ، بعض الخضر الطرية.
وبالرغم من أن جميع سكان العالم في وضع لا يحسدون عليه في زمن كورونا ، غير أن البعض يرون أن هذا الزمن لا يخلو من فرص ، منها بدء أسلوب حياة صحية، وأساسا بالابتعاد عن المأكولات السريعة وتعلم إعداد وجبات الجدات الغنية والشهية.