أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، اليوم الخميس بالرباط، أن انعقاد الدورة الـ13 للجنة المشتركة المغربية-السعودية يعكس رغبة البلدين في إعادة تفعيل هذه الآلية الرئيسية للتعاون.
وأوضح السيد بوريطة، في كلمة خلال ترؤسه أشغال اللجنة المشتركة رفقة وزير الخارجية السعودي، صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان اَل سعود، أن انعقاد هذه الدورة يأتي، بعد غياب استمر حوالي تسع سنوات تقريبا، ليعكس رغبة البلدين الشقيقين في إعادة تفعيل هذه الآلية الرئيسية للتعاون، والتأكيد على ما بلغته العلاقات بينهما من عمق استراتيجي وتضامن فاعل.
وتابع أن انعقاد هذا الحدث “يؤشر كذلك على العزم الذي يحذو المملكتين من أجل تدعيم علاقاتهما الثنائية والارتقاء بها إلى مستويات أعلى، “تنفيذا لتوجيهات قائدي البلدين صاحب الجلالة الملك محمد السادس وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفظهما الله، وبدعم كامل من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء”.
وأبرز السيد بوريطة أن المغرب على قناعة ويقين تامين بأن الإمكانات الضخمة التي يزخر بها البلدان يمكن تسخيرها بطريقة فضلى على جميع الأصعدة، من الطاقات الاقتصادية والتكنولوجية والبشرية والثقافية والجتماعية، مشيرا إلى أنه “بقدر ما نعرب عن ارتياحنا للإنجازات التي تم تحقيقها حتى الآن، بقدر ما يذكي ذلك لدينا الرغبة والطموح المتزايد في تحقيق أهداف أكثر شمولية وشراكة مثمرة بعيدة المدى”.
ونبه إلى ضرورة تفعيل شراكة حقيقية لتنشيط التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، الذي “ما يزال دون المستوى المنشود ولا يرقى إلى مستوى الشراكة النموذجية التي يصبو إليها البلدان قيادة وشعبا”.
وبعدما أكد على أهمية انخراط الفاعلين الاقتصاديين والتجاريين ومجلس رجال الاعمال المشترك في الدينامية الاقتصادية بين البلدين، حث الوزير على اغتنام “الفرص المتنوعة التي توفرها اقتصاديات البلدين، بفضل الرؤية الحكيمة والاستشرافية للقيادة في البلدين، وبالخصوص النموذج التنموي الجديد ومختلف الاستراتيجيات القطاعية في المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله، و”رؤية 2030” في المملكة العربية السعودية لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان.
كما دعا المسؤول الحكومي الجهات المختصة في المملكة العربية السعودية إلى دعم ومواكبة الإصلاحات الكبرى والمشاريع التنموية ذات الأولوية، التي تبناها المغرب بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لاسيما برنامج الإقلاع الإقتصادي لما بعد أزمة “كوفيد- 19” والنظر في إمكانية مساهمة صندوق الاستثمارات العامة السعودي في رأسمال الصناديق القطاعية أو الموضوعاتية التي سيتم إحداثها في إطار صندوق محمد السادس للاستثمار.
ولم يفوت السيد بوريطة الفرصة للتنويه بالدعم المالي الذي ما فتئ الجانب السعودي يقدمه للمشاريع التنموية بالمغرب، سواء بواسطة قروض الصندوق السعودي للتنمية أو بواسطة الهبات، وخاصة الدور الاستثماري الريادي لصندوق الاستثمارات العامة السعودي.
وبخصوص الأوضاع في العالم العربي والتطورات التي تعرفها القضايا العربية، جدد وزير الشؤون الخارجية التأكيد على أن “موقف المملكة من دعم القضية الفلسطينية ثابت وواضح ولا يحتمل أي لبس”، موضحا أن القضية الفلسطينية ومدينة القدس “تحتلان صدارة اهتمامات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس”.
كما أكد ضرورة التشبث بفضائل الحوار والتفاوض وتغليب الحلول السياسية لإيجاد تسويات مقبولة لقضايا المنطقة، مضيفا أن المملكة “تشدد على ضرورة أمن دول الخليج العربي الذي نعتبره خطا أحمر وركنا أساسيا في استقرار المنطقة والعالم”.
أما على صعيد القارة الفريقية، يضيف الوزير، فإن المملكة تدعو إلى ضرورة العمل المشترك لتكريس علاقات التعاون والشراكة مع الدول الافريقية في كل المجالات، من أجل تحقيق تنمية شاملة ومستدامة بإفريقيا في إطار التعاون جنوب-جنوب.
من جانبه، أشاد وزير الخارجية السعودي بجهود أعضاء اللجنة المشتركة الرامية لتعزيز التعاون المشترك في شتى المجالات والدفع بالعلاقات “المتميزة” بين البلدين.
وأكد صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان اَل سعود أن هذا الاجتماع يعد “ترجمة لتوجيهات القيادة الرشيدة في البلدين الشقيقين وترسيخا للعمل الثنائي المشترك في أبعاده المختلفة ودلالاته المتعددة، لاسيما مجالات الطاقة والاقتصاد الرقمي والاستثمار والصناعة والثروة المعدنية، وانعكاسا للتنسيق العميق بين المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية”، مبرزا أن بلاده تثمن دعم المغرب لمبادراتها، ومن ضمنها طلب استضافة معرض إكسبو 2030 بالرياض، ومذكرا بأن المغرب كان من أوائل الدول التي أعلنت دعمها لهاته الاستضافة.
كما نوه بدعم المغرب لمبادرة “الشرق الأوسط الأخضر”، التي تأتي – بحسب الوزير – في إطار الجهود المبذولة للحفاظ على البيئة ومواجهة تغيير المناخ.
وعلى صعيد آخر، دعا الدبلوماسي السعودي إلى بلورة المقاربات والتوجهات السياسية الكفيلة بتجاوز “التحديات الكبرى التي تشهدها منطقتنا”، وذلك من خلال تنسيق المواقف تجاه العديد من القضايا الاقليمية والدولية، “وفي مقدمتها القضية الفلسطينية”، مؤكدا أن اللجنة المشتركة المغربية – السعودية تشكل رافدا لبحث الحلول المناسبة لهاته الأزمات والإسهام بشكل إيجابي في تحقيق السلم الإقليمي والدولي.
وخلص إلى التأكيد على أهمية الحرص على ديمومة اللجنة وضمان استمرارية التنسيق بين البلدين في مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، والسعي لخدمة مصلحة البلدين، لاسيما في تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري والعمل على وتسطير أهداف قابلة للقياس.
من جانبهما، عرض كل من مدير المشرق والخليج والمنظمات العربية الإسلامية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، فؤاد أخريف، والمدير العام للإدارة العامة لشؤون الدول العربية الإفريقية بوزارة الخارجية السعودية، عبد العزيز بن عبد الله المطر، موجز الحصيلة النهائية لاجتماعات كبار الموظفين والخبراء الذي انعقد أمس الأربعاء بالرباط.
وبعد أن سجل الجانبان بارتياح ما تشهده العلاقات الثنائية من دينامية لافتة في الفترة الأخيرة، والمتمثلة، أساسا، في تبادل زيارات الوزراء والمسؤولين في القطاعات المختلفة، لاحظا، في المقابل، أن الجوانب الاستثمارية والاقتصادية والتجارية لا ترقى إلى حجم إمكانية الفرص المتاحة للبلدين، خاصة الفرص الكبيرة التي توفرها اقتصاداتهما.
وأكدا، كذلك، على أهمية الدور الذي يضطلع به القطاع الخاص في التعاون الاقتصادي الثنائي، داعيين القطاع الخاص في البلدين إلى إلى انخراط أكبر في الدينامية التي تعرفها العلاقات.
كما حثا على الاستمرار في تطوير الخدمات القنصلية المتعلقة بتنقل مواطني البلدين وظروف إقامتهما وتعزيز التعاون، خاصة في مجالات العمل والحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي.
فضلا عن ذلك، توجت أشغال كبار الموظفين بالتوافق على عدد من التوصيات التي تهم التعاون في شتى القطاعات، والتوافق على عدد من النصوص القانونية الجاهزة للتوقيع خلال الاستحقاقات المقبلة ما بين البلدين، همت قطاعات السياحة والنقل الجوي والمياه والتعاون بين مؤسسات التشغيل.
وأوصى الجانبان بالمتابعة الدقيقة لما تم الاتفاق عليه خلال هاته الدورة، من أجل وضع اليد على مكامن الخلل وإصلاحها، وتحديد نقاط للاتصال المباشر من أجل تسريع الاتفاق على إجراءات من قبيل الترشيحات والإتفاقيات.
واختتمت أشغال الدورة الـ13 لاجتماع اللجنة المشتركة المغربية السعودية بتوقيع وزيري خارجية البلدين على محضر الاجتماع.