تم الجمعة، بالمدينة الحمراء، اعتماد “إطار عمل مراكش”، وهو وثيقة مرجعية لفائدة تعليم الكبار، وذلك في ختام أشغال المؤتمر الدولي السابع لليونسكو لتعلم الكبار (CONFINTEA VII)، والذي عرف مشاركة ممثلي 142 دولة عضوا في اليونسكو، وفاعلين من المجتمع المدني، وشركاء اجتماعيين، ووكالات تابعة لمنظمة الأمم المتحدة، ووكالات حكومية، وشباب وفاعلين من القطاع الخاص.
وجاء في هذه الوثيقة، التي صدرت في ختام أشغال المؤتمر، الذي نظم على مدى ثلاثة أيام، “نعتمد إذن إطار عمل مراكش كدليل للأعمال التي سنباشرها من أجل الاستفادة من القدرة التحويلية لتعلم وتعليم الكبار، في أفق تعلم مدى الحياة، ونحو بلوغ مستقبل واعد للتماسك الاجتماعي، والرفاه، والإدماج والاستدامة للجميع”.
والتزم المشاركون، في هذا الإطار، بأجرأة توصيات “إطار عمل مراكش” كجزء لا يتجزأ من القمة المقبلة لتحويل التعليم في شتنبر 2022، مذكرين بأهمية هذا الإطار، والذي سيشكل الوثيقة المرجعية للقمة.
ودعوا، في هذا الاتجاه، إلى اعتماد مقاربة ترتكز على الحقوق، حتى يتم الاسترشاد بها في تفعيل “إطار عمل مراكش”، داعين منظمة اليونسكو، كهيئة محورية للأمم المتحدة في مجال التربية، إلى دعم إطار العمل هذا، بتعاون مع الدول الأعضاء، وكذا القيام بمراجعات دورية للتقدم المحقق.
وتابعوا “نلتزم بتطوير إطار العمل هذا، من خلال الآليات ذات الصلة على الأصعدة العالمية والإقليمية، والوطنية والمحلية، بالارتكاز على الهندسة العالمية للهدف 4 من أهداف التنمية المستدامة، الذي يتضمن آليات وأرضيات من قبيل تقرير اليونسكو العالمي حول تعلم الكبار وتعليمهم (غرال)، والذي ينضاف إليه التحالف العالمي للتعليم، والتحالف العالمي لمحو الأمية، والتقرير العالمي لرصد التعليم، واللجنة التوجيهية رفيعة المستوى للمبادرة العالمية بشأن التعليم أولا، والمنتدى السياسي رفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة، وأشغال الشركاء الدوليين، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية، وضمان التتبع على الصعيد الوطني”.
كما أهاب المشاركون باليونسكو القيام بتنسيق، عبر معهدها للتعلم مدى الحياة، عملية تتبع على المستوى العالمي بغية الإبلاغ بشكل منتظم عن التقدم المحرز في مجال تعلم الكبار وتعليمهم، بواسطة آليات خاصة، من قبيل تقرير عالمي وحصيلة لنصف مدة المؤتمر الدولي لليونسكو لتعلم الكبار سنة 2028، والذي يسمح بتقييم التقدم المحرز.
وأوصوا، من جهة أخرى، بسلسلة من الأعمال من أجل تعلم الكبار وتعليمهم ذات قدرة تحويلية، لاسيما من خلال إرساء أطر وإجراءات للحكامة، وإعادة تأهيل منظومات تعلم الكبار وتعليمهم، وتحسين جودة التعلم، والرفع من التمويلات، إضافة إلى النهوض بالإدماج، وتوسيع مجالات التعلم وتقوية التعاون الدولي من أجل الاعتماد والقيادة – التتبع.
وتابعوا “هكذا، التزموا برفع التمويل العمومي وتعبئة الموارد من أجل تعلم الكبار وتعليمهم والحيلولة دون تراجع المخصصات المالية الحالية. و “باعتباره إحدى مكونات التعلم مدى الحياة، يتعين تمويل تعلم الكبار وتعليمهم عبر مساهمة عدد كبير ومتنوع من الأطراف المشاركة، من مختلف الوزارات، ومشغلين وفاعلين خواص آخرين، وحكومات محلية ومتعلمين”.
كما أعربوا عن عزمهم على “زيادة الإنفاق العام على تعليم الكبار وفقا للسياقات الوطنية، بهدف الوصول التدريجي إلى المعايير ذات المرجعية الدولية، المتمثلة في تخصيص ما لا يقل عن 4 إلى 6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، و/ أو 15 إلى 20 بالمئة على الأقل من إجمالي الإنفاق العام على التعليم”.
والتزموا، من جهة أخرى، “بوضع التنوع، بما في ذلك التنوع اللغوي، والإدماج، والولوج والإنصاف، في صميم الجهود، مع الاعتراف بها كأولوية لزيادة الولوج إلى تعلم الكبار وتعليمهم للأشخاص المهمشين أو المعوزين، والمجموعات والمجتمعات غير الممثلة تمثيلا كافيا، والهشة”.
وكشفوا أنه “من الضروري أيضا أن تأخذ أهداف الإنصاف والإدماج بعين الاعتبار، بشكل خاص، واقع الشعوب الأصلية والمسؤوليات تجاهها”، مضيفين أن هذا الالتزام “ينبع من إعادة التأكيد على التعليم باعتباره حقا من حقوق الإنسان، يشمل حق المشاركة، باعتباره عاملا من عوامل التمكين والمواطنة العالمية النشطة”.
وجددوا التأكيد، في هذا الاتجاه، على أهمية تنفيذ نظم المعلومات لتعلم الكبار وتعليمهم، تحظى بالموثوقية وأن تكون صالحة وشفافة وسهلة الولوج، وتحترم المساواة بين الجنسين، مبرزين أنه يتعين أن تمكن نظم المعلومات هذه من مسايرة التقدم المحرز في مشاركة المتعلمين والابقاء عليهم في البرامج، لا سيما في ما يخص الساكنة المحرومة، وتسهيل تبادل المعارف بين المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والجامعات والمجتمع المدني، وعلى الصعيد الدولي، بين الدول الأعضاء”.
ومن جهة أخرى، جددوا التأكيد على أن تعلم الكبار وتعليمهم يمثل مكونا أساسيا للتعلم مدى الحياة، كما أن السياسات والممارسات في هذا المجال تنطبق على شريحة واسعة من الفئات العمرية، ومستويات التعليم، والفضاءات وطرائق التعلم.
وأكدوا “ندرك أن التعلم مدى الحياة هو المحرك لمجتمع التعلم على مختلف المستويات، بإشراك الأفراد والأسر والمنظمات، وأماكن العمل والأحياء والمدن والمناطق”، معربين عن قناعتهم بأن التعليم، بما في ذلك تعلم الكبار وتعليمهم، يشكل حقا من حقوق الإنسان، وهو أمر ضروري لفهم وتعريف التعليم كمجهود عام، وملك مشترك، على النحو الذي أكدته اللجنة الدولية لمستقبل التعليم”.
وخلصت الوثيقة إلى أنه “في الوقت التي تتعرض فيه المجتمعات لتهديد تنامي التعصب والتطرف العنيف، وتزايد انعدام الثقة في العلم وتفاقم عدم المساواة داخل البلدان وفي ما بينها، نجدد التأكيد على أن تعلم الكبار وتعليمهم يمكن أن يشكلا إجابة سياسية قوية قصد تعزيز التماسك الاجتماعي، وتشجيع تنمية القدرات السوسيو – عاطفية، وإحلال السلام، وتوطيد الديمقراطية، وتحسين التفاهم الثقافي، والقضاء على جميع أشكال التمييز، والنهوض بالعيش المشترك ومواطنة نشطة وعالمية”.
وجمع المؤتمر الدولي السابع لليونسكو لتعلم الكبار وتعليمهم، الذي نظم بشكل مشترك بين حكومة المملكة المغربية، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الأطراف المعنية من العالم برمته، قصد تحديد مستقبل تعلم الكبار وتعليمهم، خلال العقد المقبل.
وشكل هذا المؤتمر، الذي نظم تحت شعار “تعلم الكبار وتعليمهم من أجل التنمية المستدامة : أجندة تحويلية”، مناسبة لمناقشة السياسات الناجعة لتعلم وتعليم الكبار في أفق تعلم مدى الحياة، وفي ظل ظروف تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة المعتمدة عام 2015.