يُعرف مرض الصداع النصفي أو ”الشقيقة“ على أنه صداع يصيب جانباً واحداً من الرأس في أغلب الحالات، حيث يكون هذا الصداع نابضًا أو خافقاً ويزداد بالتعرض للضوء، لذا يُفضل مرضى الشقيقة البقاء في غرفة مظلمة أو ذات إنارة ضعيفة.
ويصف الأشخاص الذين يعانون من نوبات الصداع النصفي الألم بأنه خافق أو نابض، ويستمر من ثلاث ساعات إلى ثلاثة أيام، ونادرًا ما يدوم أكثر من ذلك.
ويؤثر مرض الشقيقة على حوالي 12% من الناس حول العالم، ويصيب النساء أكثر من الرجال، ومن بين كل خمس سيدات توجد سيدة واحدة مصابة بالشقيقة.
وتشمل الخيارات العلاجية التقليدية للشقيقة، أدوية ”التريبتان“ التي يتناولها المريض عند بدء الأعراض، وأدوية ”الإرغوتامين“ التي تسكّن آلام الصداع النصفي، والبوتوكس والأدوية الهرمونية وغيرها من العلاجات التي لا تزال قاصرة في كثير من الحالات.
”الليدوكائين“
تشير دراسة حديثة نُشرت في مجلة ”Regional Anesthesia & Pain Medicine“، إلى أن الحقن الوريدي لدواء التخدير الليدوكائين يساعد في تخفيف الألم عند مرضى المشافي الذين يعانون من الصداع النصفي المزمن المعند على العلاج.
وأظهر ما يُقارب 88% من مرضى الصداع النصفي المزمن الذين يتلقون ليدوكائين في الوريد انخفاضًا في شدة الألم، وحوالي 43% من المرضى تحسنًا مستدامًا في شدة الألم بعد شهر من آخر جرعة ليدوكائين.
وكان المرضى الذين خضعوا للدراسة يعانون من أشد أشكال الصداع النصفي المقاوم للعلاج، لكنّ هذا التخفيف المؤقت للأعراض المزعجة أدى إلى تحسينات كبيرة في نوعية حياتهم.
وقال مؤلف الدراسة، البروفيسور إريك شوينك، طبيب التخدير في جامعة ”توماس جيفرسون“ في وودبري بنيوجيرسي: ”بالنسبة للمرضى الذين يعانون من الصداع النصفي المزمن المعند على العلاج، فمن المفيد تحويلهم إلى مركز متمرس يمكنه تقديم علاجات وريدية فعالة مثل الليدوكائين في حال عدم وجود تحسن على الأدوية الأخرى“.
وأضاف البروفيسور شوينك: ”ومع ذلك، فإن الليدوكائين ليس متاحًا للجميع وله بعض الآثار الجانبية مثل الغثيان والإقياء واضطرابات نظم القلب وتشوش الرؤية“.
تحفيز العصب المبهم ”VNS“
ويواصل الباحثون اكتشاف خيارات علاجية جديدة للأشخاص المصابين بالصداع النصفي، وأحد أهم خيارات العلاج التي يتم العمل عليها حاليًا هو ”تحفيز العصب المبهم (VNS)“.
ولا يعتبر تحفيز العصب المبهم ”VNS“ علاجًا يمكن استخدامه على نطاق واسع، ولكن تمت الموافقة عليه من قِبل إدارة الأغذية والعقاقير (FDA) لعلاج الصداع النصفي والوقاية منه.
ويعتمد هذا العلاج على تحفيز العصب المبهم. والعصب المبهم هو واحد من 12 زوجًا من الأعصاب القحفية التي تنشأ من الدماغ، وتساعد الدماغ على التواصل مع الجسم.
ويُزرع جهاز ”VNS“ تحت الجلد، ويتم إدخال سلك لتوصيل الجهاز بالعصب المبهم، ويرسل الجهاز نبضات كهربائية خفيفة عبر العصب المبهم إلى الدماغ ما يساعد في مقاطعة إشارات الألم وتخفيف آلام الصداع النصفي، وتم تصميم أجهزة أخرى ترسل نبضات كهربائية خفيفة عبر الجلد، دون إدخال سلك.
ويمكن استخدامها عدة مرات يوميًا لعلاج آلام الصداع النصفي أو لمنع نوبات الصداع النصفي قبل أن تبدأ.
وقد يكون جهاز ”VNS“ خيارًا جيدًا للأشخاص الذين لا يستطيعون تناول أدوية أخرى لعلاج نوبات الصداع النصفي، مثل النساء الحوامل أو الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب.
الشقيقة وتلوث الهواء
ووجدت الدراسات التي أجراها الباحثون في تايوان وكوريا الجنوبية أن المستويات المرتفعة لأنواع معينة من ملوثات الهواء ترتبط بزيادة عدد الأشخاص الذين يراجعون العيادات الطبية بشكوى الصداع النصفي، خاصة خلال الفترات الدافئة.
ولم تجد الدراسة التايوانية أي صلة بين مستوى الملوثات الهوائية والصداع النصفي خلال الأيام الباردة.
ووجدت الدراسة الكورية أيضًا أن الارتباط بين نوبات الصداع النصفي ومستويات التلوث كان أضعف في أيام درجات الحرارة المنخفضة.
وتشير هذه النتائج إلى أنه رغم الدور الواضح لتلوث الهواء في تحريض نوبات الصداع النصفي، إلا أن التأثير يعتمد على نوع الملوثات الموجودة في الهواء مثل ثاني أكسيد النيتروجين والميتان.
وخلصت الدراسات إلى بعض التوصيات لمرضى الشقيقة الذين يعيشون في المدن، مثل إبقاء النوافذ مغلقة وقضاء وقت أقل في الهواء الطلق واستخدام الفلاتر لتنقية هواء المنزل.
ويؤكد الأطباء دائماً ضرورة الالتزام بتناول الأدوية في الوقت نفسه كل يوم، وتجنب الأطعمة التي تحرض نوبات الشقيقة، وممارسة تمارين التأمل والاسترخاء، وعدم تناول أدوية إضافية إلا بعد استشارة طبيب الأمراض العصبية.