مجلة إسبانية: المغرب في طريق ليصبح ‘وادي سيليكون فالي’ المستقبل
كلما تفجرت فضيحة أخلاقية يكون بطلها أحد أو إحدى قيادات جماعة العدل والإحسان، إلا وسارعت الجماعة إلى ترديد الأسطوانة المشروخة، واتهام السلطات بأنها تستهدفها و”تفبرك” لها ملفات جنسية محرمة.
تتغاضى قيادة الجماعة بمختلف صفوفها عن أن الإنسان خطاء وضعيف. ومرد هذا التغاضي هو أن مؤسسي الجماعة بنوا “مشروعهم المجتمعي الزائف” على الأخلاق، وعلى الرباط والصحبة والوعظ والإرشاد، شهورا بنهاراتها ولياليها، تتلى فيها كتب “إمامهم” ووصاياه الخاصة بالأخلاق وب”منهاج النبوة” في كل شيء، ومنهاج النبوة الحقة براء منهم.
الأجدر بالجماعة أن تعترف بأن بعض قيادييها لهم نزوات مثلما أيها إنسان، وتبادر إلى تصحيح أخلاقهم عوض سلوك الطريق السهل واتهام “المخزن”.
والمثير للاستغراب أن الجماعة نفسها تعارض بشراسة كل مطالب بالحريات الفردية، وتتهمهم بالسعي الى نشر الرذيلة والفجور، متناسية أن بعض قيادييها مجبولون على الرذيلة والجنس الحرام، وكلما افتضح أمرهم، يشار بالبنان والبلاغات والتصريحات والتدوينات إلى “المخنزن”!!
فلماذا لم يؤثر الوعض والارشاد والنصيحة و”منهاج النبوة”، ويغير في طبيعة هؤلاء القياديين والقياديات وفي ميولاته البشرية؟!
نطرح هذا السؤال على القيادي بالجماعة حسن بناجح، المعروف بكنية “براح الجماعة”، وهو يبرر السقطة الأخلاقية لأخيه المسؤول الأول لجماعتهم بجهة فاس مكناس، والذي ضبط وهو يمارس الجنس مع مطلقة بداخل سياراته. ولدى اعتقاله اكتشفت الأبحاث ممارسات أخرى يندى لها الجبين، تلخصت في متابعته من طرف قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بمكناس بتهم “الإتجار بالبشر، باستدراج أشخاص بواسطة الإحتيال والخدعة وإساءة إستعمال الوظيفة واستغلال حالة الضعف والحاجة والهشاشة بغرض الاستغلال الجنسي وهتك عرض أنثى باستعمال العنف والخيانة الزوجية”.
في سياق الهروب المعهود للجماعة المعلومة من آثار القضايا الأخلاقية المزلزلة لكيانها، وعدم تقبل الحريات الفردية لإخوانهم، راح “براح الجماعة”، حسن بنناجح يتساءل: “لماذا أثار النظام المغربي تهمة أخلاقية ضد رمز من العدل والإحسان في هذا الوقت؟”.
ويجيب “البراح المعلوم” بأن “الدافع الأول هو الرد المباشر على تنظيم جماعة العدل والإحسان للذكرى الأربعين لتأسيسها التي تعرف أنشطة مكثفة مميزة ناجحة”.
عن أي ذكرى وأنشطة يتحدث حسن بن ناجح؟
ألا يعلم أنه، وبعد انتكاسة “غزوة 20 فبراير” واندحار أنصار الفكر الشمولي الذين لم يستطيعوا تعبئة الشعب لنصرة خيار الملالي الإيراني، حتى يعيدوا إنتاج ثورة 1 فبراير 1979 في إيران، وقضاء الجماعة عاما كاملا من التيه في شوارع المغرب الذي لم تتوان معه عن تمويل باقي المكونات من أجل ضمان واجهة تعددية لمخططها الإنقلابي، ضاعت الجماعة وتاهت، ما جعل ثلة من قادة الصف الثاني والثالث يطرحون بشكل جنوني مراجعة الخط السياسي للجماعة المبني على الانغلاق السياسي والعيش في القوارير التنظيمية.
لكن هيهات، فإكليروس الجماعة مستفيد من هذا الانغلاق، لأنه يضمن غياب الشفافية في التسيير المالي، ويضمن نفوذ أقلية أوليغارشية ذات توجه ريعاوي يستبيح مالية الجماعة وأملاكها التي تجمع في الداخل والخارج بالدرهم والأورو حتى تستهلكها كائنات ريعية في السفر والتبراع.
فإذا كانت الجماعة، “اسي بناجح”، لا تستطيع أن تقوم بالثورة فلماذا إذن تجمع الأموال، فكل مريد يساوي على الأقل عشرة دراهم في الشهر في الداخل و10 أورو في الخارج؟
الدافع الثاني الذي “جعل المخزن يستهدف قيادة العدل والإحسان بفضائح أخلاقية”، بحسب حسن بناجح، هو “تحسين صورته (المخزن) بعد الضجة الأخيرة حول تنظيم السلطات لمهرجانات أحدثت ردود أفعال شعبية واسعة على ما راج في منصاتها من دعوات لتناول المخدرات والتلفظ بكلام غير أخلاقي وانتهاك الذوق العام”.
كان بإمكان هذا الدفع أن يكون مجديا، لو سكتت كل مكونات الشعب المغربي، الثقافية والفنية، والاعلامية والسياسية، عن ترهات “طوطو”، وبادرت جماعة العدل والإحسان لوحدها لاستنكار ما حدث. والواقع أن كل مكونات الشعب المغربي استنكرت ما حدث. ولا أظن أن الجماعة إياها تمثل كل هذه المكونات.
أما إثارة ما حدث بمكتب الاتصال الإسرائيلي، والقول إنه “استباح أعراض مغربيات، وهو الوكر الذي تشيع منه مخططات بث الرذيلة المنظمة الممنهجة تحت غطاء السياحة الهادفة”، فهذا انطباع لا يرقى إلى دفوعات ودوافع مبنية على أساس واقعي، وهي مجرد محاولة من “براح الجماعة” لتبييض وجه أسياده الإكليروس من الفضائح الأخلاقية.
بخصوص الدافع الثالث، لم يأت حسن بناجح بجديد، في ما يخص غلاء الأسعار وتدني المستوى المعيشي لدى السواد الأعظم من المواطنين، فالكل يعلم هذا ويندد به، إلا إذا ظن بناجح وجماعته أنها الوحيدة الحاملة لهموم المغاربة، وهذا “طنز ما بعده طنز”.
ختاما، صار واضحا أن ما يعنيه حسن بناجح وإخوانه من أهمية ذكرى جماعتهم و”خطورتها” على “المخزن”، هو أن الجماعة، وبعد نكسة “غزوة 20 فبراير” عادت إلى كتبها الصفراء علها تستبلد من جديد جموعها لتستمر في “سكويلة” الجماعة وتحضر ليالي الجذبة وتساهم في دفع المكوس المفروضة على الأتباع ليعيش الخليفة وجنده، فالخليفة الذي سبقه سجل كل أملاك الجماعة في اسمه وتركها إرثا حلالا لذريته، فهي ذرية الذي خلق الجماعة وكتب من أجلها على امتداد أربعين عاما، فمن حق ذريته أن تهنأ بالعيش الرغيد بعد مماته ولو من مال الجماعة.